بقلم : محمد جردوق *
تشكل جمعيات آباء وأمهات وأولياء التلمـيذات والتلامـيذ، استنادا إلى مقتضيات الظهير الشريف رقم1.58.376 الصادر في 15 نوفمبــر 1958 ،كمـا تـم تعديلـه وتتمــيمه، وإلـى التدابيــر المرتبطـة بهـذا الموضـوع فـي الســياسات العمومــية التعليمــية، يسـهم من خلالها آباء وأمهات وأولياء التلمـيذات والتلامـيذ في تنمـية الشـأن المدرسـي بأنشـطة هيأت اجتماعية تطوعية، ذات أهـداف متعـددة، تغطـي مجالات متنوعـة: بعضهـا يهـم المكتسبات الدراسـية، وبعضهـا الآخر يتعلـق بالتتبـع والتأطيـر والتحسـيس والتعبئـة، والمشاركة فـي التدبيـر، والإسهام فـي بلـورة مشـاريع الإصلاحات التـربوية، وأوراش تطبيقهـا.
يتـم إحـداث هـذه الجمعيـات علـى صعيـد مؤسسـات التعليـم المدرسي، وتتألـف مـن آبـاء وأمهـات وأوليـاء التلمــيذات والتلاميذ الذيــن يتابعـون دراسـتهم بالمؤسسة التعليمــية، والذيــن يعتبــرون أعضـاء منخرطيــن بالجمعيـة، بمجـرد أداء واجـب الانخراط، الـذي تحـدده الجمعيـة، مـع بدايـة كل موسـم دراســي.
إذن ما هي شروط تأسيس هذه الجمعيات ؟ و ما هي الأدوار المنوطة به ؟
أولا : شروط تأسيس جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ :
تتأسس هذه الجمعيات خلال جمع عام يشارك فيه آباء وأمهات وأولياء التلمـيذات والتلاميذ، يفضي إلى انتخاب لتدبيـر شؤون الجمعية لمدة 3 سنوات عموما، ويتكون هذا المكتب غالبا من رئيس (ة) وأمـين (ة) للمال ومستشارين (ات) .
يخضع عمل الجمعية لقانون أساسـي منظم، يتم اعتماده في جمع عام، ويحدد مختلف ضوابط وقواعد العمل، ومهام مكتب الجمعية وتسـييـر جموعها العامة واجتماعات مكتبها، وتدبيـر مواردها، وتحديد أنشطتها، ومجالات تدخلها…
منـذ صـدور الميثاق الوطنـي للتـربية والتكويـن، الـذي اعتبـر أن “للمؤسسـة المدرسية علـى الآباء والأمهات والأولياء واجـب العنايـة والمشاركة فـي التدبيــر والتقويـم”، أكـدت النصـوص القانونــية ذات الصلـة علـى تمثيليـة وعضويـة جمعيـات آبـاء؛ وأمهـات وأوليـاء التلمــيذات والتلاميذ فـي مجالـس مؤسسـات التــربية والتكويــن (المجلس الإداري للأكاديمية الجهورية، مجلس تدبيـر المؤسسة والمجلس التـربوي. وفي المجلس الأعلى للتعليم سنة 2006 بثلاثة ممثليـن، وهي التمثيلية التي تم اعتمادهـا بنفـس العـدد فـي المجلس الأعلى للتـربية والتكويـن والبحـث العلمـي(
أمـا بخصـوص النصـوص والمذكرات التنظيمـية، الصـادرة عـن وزارة التـربية الوطنـية، علـى التوالـي، منـذ سـنة 1960 إلـى غايـة سـنة 2011، فإنهـا تنص، بالأساس، علـى المقتضيات التاليـة:
ــ ضـرورة مشـاركة آبـاء وأمهـات وأوليـاء التلمــيذات والتلاميذ فـي الجهـود التـي تقـوم بهـا المدرسة فـي مجالات تعمــيم التمـدرس، وتحسـين الجـودة والارتقاء بالتحصيـل الدراسـي ودعـم المتعلمين (ات)، وتأسـيس جمعيـات ممثلـة لهـم علـى مسـتوى كل مؤسسـة تعليمـية، بمـا فـي ذلـك مؤسسـات التعليـم الخـاص، والتصريـح بإحداثهـا أو تجديـد مكاتبهـا لـدى السـلطات المحلية؛
ــ تقيد هـذه الجمعيـات بكافـة الضوابـط المنظمة للعمـل الإداري والتـربوي داخـل المؤسسات التعليمـية، والتـزامها تقي بالنصوص التشريعية في منح العضوية، وتجديد مكاتبها المسيرة، وعقد جموعها العامة، والمصادقة على تقاريـرها المالية والأدبية، والحرص على توسـيع قاعدة تمثيليتها، وتشجيع انخراط المرأة/الأم فيها ورئاسة مكاتبها، سعيا إلى إعمـال مبـدأ المناصفة؛
ــ تطويـر الجمعيـات لقوانـينها الأساسية وأسـاليب عملهـا، ونهـج الشـفافية والديمقراطيـة والجديـة فـي انتخـاب مكاتبهـا المسيرة، وفـي طـرق تسـييـرها، وتقديـم التقاريـر المتعلقة ببـرامج عملهـا، وإنجازاتهـا، وضبـط وتدبيـر مواردهـا المالية، والتعـاون والشـراكات التـي تبــرمها مـع هيئـات ومؤسسـات أخـرى، مـن قبيـل المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والجماعــات التــرابية والجمعيـات.
ــ تــزويد هـذه الجمعيـات بالوثائـق والنصـوص التنظيمــية والبيداغوجيـة والمذكرات المرتبطة بالحيـاة المدرسية وغيـرها من الوثائق ذات الصلة بالمستجدات التـربوية، إلى جانب تمكيـنها من فضاءات ووسائل العمل بالمؤسسات التعليمـية لعقـد اجتماعاتهـا، وتنظيـم لقاءاتهـا مـع الفاعليـن التـربوييـن بالمؤسسة، وتلقـي مراسلاتها، إلـخ.
هذا فيما يخص طرق تأسيس هذه الجمعية إذن ما هي أدوارها ؟
ثانيا : أدوار جمعيات الآباء وأولياء التلاميذ :
أمـا فيمـا يتعلـق بـأدوار هـذه الجمعيـات، فـإن النصـوص التنظيمــية لقطـاع التــربية الوطنــية، تنـص علـى اعتبـار هـذه الجمعيـات شـريكا للمدرسـة المغربية، مـن خـلال قيامها بمجموعة مـن الأدوار، أهمهـا:
ــ تأمـين التواصل المستمر بيـن المدرسة والأسرة وتنسـيق الجهود بيـنهما، ونسـج الروابط الاجتماعية والعالقات بيـن الأسرة وبيـن الإدارة التـربوية وأطـر هيئـة التدريـس العاملـة بالمؤسسة؛
ــ المشاركة فـي الرفـع مـن مسـتوى وعـي الآباء والأمهات والأولياء، وتحسـيسهم بدورهـم الأساسي، المتمثل، خصوصـا، فـي الإسهام فـي النهـوض بأوضـاع المؤسسات التعليمــية، وفـي تطويــر خدماتهـا، وفـي المساهمة فـي إشـعاعها التــربوي والاجتماعي والثقافـي والفنــي؛
ــ توعيـة الآباء والأمهات والأولياء بحقـوق الطفـل، ومـن بيــنها حقـه فـي التعليـم والتكويــن، وتشـجيع المرأة/الأم علـى الانخراط في دعم العمل المدرسي، والإسهام في توفيـر وتحسـين الخدمات الاجتماعية التي تيسر ظروف التمدرس، من قبيل: صيانة البنايات والمرافق والتجهيـزات، وتوفيـر النقل المدرسي لفائدة تلمـيذات وتلاميذ المناطق النائية، وتوسـيع شـبكة الداخليـات ودار الطالـب والطالبـة بالتعليـم الثانـوي الإعدادي خاصـة بالوسـط القـروي؛
ــ تيســير مواكبـة الآباء والأمهات والأولياء لتمـدرس بناتهـم وأبنائهـم بنجـاح، والإسهام فـي الحـد مـن الانقطاعـات والتغيبـات، بالبحـث عـن أسـبابها وسـبل تجاوزهـا؛
ــ الإسهام في التصدي لظواهر العنف المدرسي، والعمل إلى جانب الجهات المعنية على إدماج التلمـيذات والتلاميذ، ضحايا الانحراف السلوكي في الحياة المدرسية بشكل إيجابي
وفي الختام، فرغم وجود النصوص التشريعية والتنظيمية المؤطرة لجمعيات الآباء وأولياء التلاميذ، إلا أننا ما زلنا نعيش مجموعة من الخروقات سواء أثناء تأسيسها، أو حتى أثناء عملها، من هذه الخروقات عدم استدعاء أباء وأولياء التلاميذ عند تأسيس هذه الجمعيات أو في الجموع العامة، وجود أعضاء ورؤساء جمعيات ليس لهم أبناء في تلك المؤسسات التعليمية، بالإضافة إلى استغلال هذه الجمعيات في أمور غير الأهداف التي أسست من أجلها، بالإضافة إلى ظاهرة الاسترزاق التي مست أغلب جمعيات المجتمع المدني بصفة عامة.
وعليه، ومن أجل تجاوز كل هذه الخروقات يجب على السلطات المحلية تشديد المراقبة أثناء تأسيسها، والتحقق من هوية مؤسسيها، ومراقبة أعمالها بشكل دائم.
* رئيس لجنة الشؤون القانونية والعلاقات العامة، بالتعاضدية المغربية لحماية المال العام والدفاع عن حقوق الإنسان فرع القصر الكبير .