ذ : إدريس حيدر :
انطلقت الحملة الانتخابية للاستحقاقات التي ستجري وقائعها يوم : 08|09|2021.
و إذا كان من بين أهداف كل محطة انتخابية هو :
*إفراز نخب جديدة تضخ دماء طرية في شرايين الحياة السياسية.
* محاسبة الذين تحملوا المسؤولية في الفترات السابقة أو المنقضية قصد إعادة الثقة فيهم أو معاقبتهم بعدم التصويت عليهم.
* الاطلاع على برامج الأحزاب لمعرفة مدى قابليتها للتطبيق أو الحاملة للهم الاجتماعي للمواطن.
* قياس قوة الأحزاب و بالتالي إفراز الكتل السياسية المنسجمة: اليمين – اليسار – الوسط.
غير أن المتتبع لهذه ” الحملة ” يمكن أن يؤكد أنه يطالها بؤس كبير على مستوى المشهد و الخطاب.
1- على مستوى المشهد :
يُلاحَظُ ما يلي :
● المشهد العام للحملة الانتخابية ،أصبح تقليديا ،نمطيا و متجاوزا و ينعدم فيه الإبداع.
شباب في عمر الزهور بواقيات متشابهة تحمل صور الحيوانات ،الحشرات و المنقولات مثلا : النحلة ،الزيتون ،الحمامة ،الجرار ،الميزان ،الوردة …الخ ،و يردد شعارات لا يفهمها أو ربما ينطق بعض كلماتها بشكل يثير الضحك ،و هذا يعني أنهم مُشغلين و مأجورين .
● أغلب الشعارات مأخوذة عن شعارات ” اليسار ” التي أبدعها مناضلوها في القلاع الإسمنتية و الأقبية السرية و أمام القضاء عند نطقه بالأحكام القاسية و الظالمة خاصة .
و قد كانت ترجمة لإيمانهم القوي بالقيم الفضلى ،ثم إنهم أبدعوا من خلال معاناتهم التي تخللتها كثير من الدموع و الدم. إلا أنه تم مسخها بتضمينها كلمات مائعة.
● تقديم و اقتراح لوائح تتضمن أفراد نفس العائلة سواء لدى الأحزاب اليمينية أو اليسارية.
● ترحال سياسي كبير و استقطاب للأعيان على حساب مناضلي الأحزاب و المنخرطين فيها دون الالتفات لأدبيات العمل الحزبي المعمول به في كل أرجاء العالم.
● لقاءات مع المواطنين تطبعها المويوعة ك: الرقص و الغناء الرخيصين و الانتصار لرمز أحد الأحزاب مثلا بترديد : ” عندو الزين … عندو الحمام …دايرو في دارو…” و أحيانا لجوء الفصائل للعنف و ذلك باستعمال البلطجية ،السوقة و الدهماء.
● الحضور القوي للمال الحرام الناتج عن الفساد في كل هذا المسلسل.
2- على مستوى الخطاب :
يلاحظ أيضا ما يلي :
● غياب خطاب سياسي متميز بالعقلنة ،التنوير و التحسيس بمهام المستشار الجماعي و الجهوي و النائب البرلماني.
● عدم مناقشة البرامج التي يبدو أنها مستنسخة و لا مضمون لها و بعيدة عن هموم المواطن.
● عدم واقعيتها بل و كأنها وضعت أحيانا لشعب و بلد آخرين.
● حضور باهث لممثلي الأحزاب في وسائل الإعلام العمومي ، بل إن مضامين خطاب الأحزاب يحتقر أحيانا ذكاء المواطنين.
● حتى قادة الأحزاب الذين اُتِيحت لهم فرصة التوجه للمواطنين من خلال وسائل الإعلام ،أبانوا أحيانا عن قصور و ضعف في التحليل و افتقارهم لرؤى استراتيجية بل و سقوطهم أحيانا في نرجسية مقيتة.
بل و ينصبون أنفسهم ناطقين باسم الشعب ،لكنهم بعيدون عن انشغلاته و لا علاقة لهم به.
● عجزهم الكلي على التنظير و استشراف المستقبل كالمقاربة التي تفرض نفسها : المغرب ما بعد وباء ” كوفيد ، 19 ” ، أو رأيهم في مشروع ” النموذج التنموي الجديد ” أو بديله الحزبي.
كل هذه اللخبطة و الفوضى و الميوعة تتم على مرأى و مسمع من الدولة .
إن هذه المظاهر تثير القلق و أحيانا تستفز المواطن و تخلق نفورا كبيرا من العملية الانتخابية برمتها.
و إنه لعمري بؤس في المشهد و الخطاب.