بقعة ضوء ” نحن شعب لا يستحي

18 أكتوبر 2022

سمية نخشى

يؤسفني و يحز في قلبي ان اضطر لاستعارة هذه العبارة من الشاعر العراقي المرحوم أحمد النعيمي لأعبر بها عن استيائي من المعاملة التي لقيتها انا و أسرتي من الطبيب المداوم في مصلحة المستعجلات مساء الجمعة 14 من الشهر الجاري. و ذلك حين اضطررنا لولوج مستشفى القرب بمدينتنا ، و الذي سبق لي أن أقسمت أن لا تطأه قدمي و لو خسرت حياتي ، و تلك حكاية أخرى، لكن هذه المرة لم يكن لدي خيار ، فالأمر يتعلق بوالدتي التي ألمت بها وعكة صحية حادة ، ترددنا في البداية بين المستشفى و بين الهلال الاحمر ، فرجحت كفة الأول بسبب الحملة الإعلانية السابقة التي بشرت بمستواه اللائق.لكن الأمر سيان من حيث ضعف التجهيزات، سوء المعاملة و الغياب المطلق للنظافة.
كان المكان فارغا ،لا يوجد به مرضى و مع ذلك انتظرنا قرابة نصف ساعة قبل أن تهل علينا الممرضة ، التي ربما بمشقة ايقظوها من نوم هانىء أو احتمال انها استدعيت للتو من منزلها، فظننتني حينها في مصلحة المستبطئات و ليس المستعجلات، هي من تولت ، مشكورة ، القيام بالإجراءات الأولى: قياس ضغط الدم ، سرعة نبضات القلب و نسبة التنفس.
بعدها ذهب اخي لمكتب الطبيب المداوم الذي كتب له الوصفة دون أن يفحص المريضة أو يرى وجهها. لحقت به استشيره في الأدوية التي أخذت و لأخبره بالأمراض المزمنة التي تعاني منها و التي لم يسأل عنها . كان ينظر الي شزرا، و لا يجيبني، و في الاخير و بصعوبة بالغة أفرجت شفتاه المتيبستان، و الممتعضتان عن عبارة يتيمة ” سيري للفارماسيا، يشرحواليك “.
خرجنا صامتين و لم ننبس ببنت شفة ، فقد سبق واوصينا بعض بالصبر و الجلد، لنتجه صوب مدينة اخرى ،لكن كل جوارحي كانت تلقائيا تردد ” نحن شعب لا يستحي ” . و ” نستاهلو تعاود لينا ترابي “، كلنا ظالم و كلنا متجبر….و تكاد تصدق معنا مقولة السوفسطائي “غلوكون” :” العادل هو العاجز عن ارتكاب الظلم ” فلا أحد عادل بطبيعته ، مستدلا باسطورة ” خاتم جيجيس” و هو خاتم يجعل صاحبه يختفي حين يلبسه ، فلا أحد يراه ، ليتساءل : لو وقع هذا الخاتم بيد انسان عادل ، هل سيبقى عادلا ، أم سيسعى لتحقيق رغباته و منافعه، فيجيب بالنفي ، لان العدل هو نزوع مكبوح و ملجم للظلم.
الطبيب ، شاب في مقتبل العمر ، لكنه عديم الإحساس بالواجب، غير مخلص لقسم ابوقراط، لا يستحق المكان الذي يوجد به، و لا يشرف مهنة الطب.
هو نموذج سيء ، للاسف، لمجموعة ، من الشباب العاملين في القطاعات العمومية ، مردوديتهم ضعيفة و رغبتهم جامحة في تسلق السلم الإجتماعي على رقاب المواطنين ، مبررهم الوحيد هو :” نخدمو على قد فلوسهم،” و الضحية هو المواطن الذي بدوره يجور على من استطاع إليه سبيلا، ( مع استثناء الشرفاء طبعا ) و هكذا دواليك ، فتتفشى ثقافة الظلم و الاسترزاق المشروع و غير المشروع …..
وكأننا جميعنا اعجبنا بعجز البيت الشعري الخالد لزهير بن أبي سلمى ” و من لا يظلم الناس يظلم.” فمجدنا الظلم.
للمرة المليون اردد: لك الله يا وطني، لا شعب و لا مسؤولين….
ولا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

سمية نخشى في 18\10\2022

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading