أدباء مهجريون من القصر الكبير ( شمال المغرب )

27 أكتوبر 2021

بقلم عبد القادر الغزاوي . القصر الكبير ـ المغرب

في البدء يجب الإشارة إلى أن هذه الدراسة تعتبر أول دراسة عن أدباء مهجريون من مدينة القصر الكبير التي تقع بشمال المغرب ، حيث تم اختياري لثلة منهم ، وهم :
محمد التطواني : كاتب وروائي وباحث ومترجم وصحفي .
ومحمد الجباري : كاتب وروائي وممثل وكتابة السيناريو .
ومحمد علي السباعي : كاتب وباحث بالكلمة والصورة في تاريخ مدينة القصر الكبير .
وهم مبدعون آمنوا برسالتهم الفكرية والثقافية ، تجمعهم مدينة عريقة ، ويوحدهم الإبداع الرائع ، ويفرقهم توجههم الإبداعي الجميل . لقد اختار كل واحد منهم الطريق الإيجابي الذي يسلكه في إنتاجه الثقافي ، متسلحا بإرادة قوية ، وثقافة غزيرة ومتنوعة ، وطموح كبير راق . ومن هنا جاءت فكرة العناية بهذا النموذج الثلاثي من أدباء مهجريين من مدينة القصر الكبير الواقعة بشمال المغرب ، هذه المدينة التي لها تاريخ مغرق في القدم ، بصفتها إحدى المدن المغربية العريقة والقديمة ، والتي يقول عنها الأستاذ عبد العزيز بنعبد الله ، ( تعتبر أول حاضرة في المغرب ما زالت قائمة … وقد كانت مهبط رجالات العلم والفكر والتصوف في إفريقيا الشمالية في مختلف العصور) . عبد العزيز بنعبد الله ، مجلة المناهل ، العدد 1 ، السنة 1974 م ، الصفحة رقم 43 ، القصر الكبير أول حاضرة في المغرب .
وهي تعتبر مدينة الأولياء والصلحاء ، والمفكرين والعلماء ، والكتاب والأدباء ، والفنانين والشعراء . ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ) ، الآية رقم 23 من سورة الأحزاب . وقد أنجبت مدينة القصر الكبير على مر العصور العديد من الأعلام ، كانت لهم مكانة كبيرة وشأو عظيم في مختلف المجالات والميادين الثقافية والفكرية والجهادية والنضالية والوطنية ، تشهد على ذلك مساهماتهم العديدة ، وإنتاجاتهم الكثيرة في الحياة الأدبية والعلمية . ناهيك بالأدوار البارزة والهامة التي كانت لها عبر المراحل التاريخية والعلمية والفكرية المختلفة ، حيث ساهمت بحظ وافر في تكوين العقول النيرة والأقلام الساطعة في تطور الفكر والثقافة . وقد عرفت مدينة القصر الكبير نهضة علمية كبيرة وبارزة ، أفرزت ثلة من العلماء والأدباء أخذوا عن عدد من الشيوخ والعلماء والصلحاء من أصل مغربي وأندلسي في مختلف المساجد والزوايا والمدارس العتيقة والمراكز الثقافية ، التي كانت موجودة بها قديما رغم قلتها . فأضحت مدينة القصر الكبير منافسا علميا وفكريا كبيرا لبعض المدن العلمية والثقافية ، كمدينة فاس . وأصبحت مقصد طلاب العلم وناشريه .
وقد برز أدب المهجر في الأدب العربي نتيجة انتشار الإنتاج الثقافي والأدبي نثرا وشعرا لأدباء هاجروا ورحلوا عن أوطانهم الأصلية ، وعاشوا في بلدان جديدة في الغرب الأوربي وخاصة في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية ، وبرز فيه جماعة من الكتاب والشعراء ، ينتمون إلى بعض الجمعيات والمنظمات الثقافية مثل ” الرابطة القلمية في المهجر الشمالي ” و” العصبة الأندلسية في المهجر الجنوبي ” ، منهم على سبيل المثال : أمين الريحاني وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي ونسيب عريضة وجورج صيدح وفوزي المعلوف ، وغيرهم كثير . فقد تركوا لنا أدبا رائعا وجميلا سواء نثرا أو شعرا .
وقد وقع اختياري لهؤلاء الأدباء الثلاثة من أبناء مدينة القصر الكبير ، الذين يقيمون في بعض الدول من القارة الأوربية ، وفاء لهم والتعريف بهم ، وبتجربتهم الرائدة في خوض هذه التجربة الناجحة ، والتي لم تنل حظها من العناية والاهتمام من طرف المهتمين بأدب المهجر وبدرسه دراسة عميقة وشاملة . ولا يخفى على القارئ والمهتم بأدب المهجر المغربي ، وخاصة أدباء المهجر من مدينة لقصر الكبير ، أن هذا الإبداع الأدبي والثقافي يمتاز بوفرة الإنتاج الأدبي ، وقلة من كتبوا عنه كتبا ودراسات وأبحاثا .
ــ أولا محمد التطواني . ورد في سيرته :
(( أستاذ اللغة العربية بالمدارس الهولندية ، خريج المدرسة الأكاديمية للمعلمين والأساتذة ، وحاصل على شهادة تعطيني الحق في تعليم اللغة العربية والهولندية بالمدارس الهولندية . قبل الهجرة ، في الستينيات وأنا طالب بالمعهد الديني أسست وترأست المجلة الحائطية التي كنت أديرها بإذن من الإدارة التي كان يديرها المرحوم الفقيه والعلامة الكشوري والأستاذ الطريبق عبد السلام وأنا أبلغ من العمر ١٧ سنة ، وبتشجيع من الأساتذة عبد السلام اليعقوبي والشاعر حسن الطريبق والشاعر محمد الصادق الشاوي . اشتغلت بمدرسة النهضة بسلا لمدة ثلاث سنوات ، عضو في اتحاد كتاب المغرب وعضو في اتحاد كتاب سوريا قبل الحرب ، مؤسس المركز الثقافي بهولندا ولسان المؤسسة / الطاحونة/ وهي مجلة باللغتين العربية والهولندية ، وقد وزعتها في بعض المدن المغربية ولكن للأسف توقفت بسبب مادي ، مؤسس جمعية الصحفيين العرب لمدة أربعة سنوات وتوقفت لأسباب سياسية بعد حرب العراق ، التحقت بجريدة / العرب/ اللندنية وهي أول جريدة تصدر بالمهجر قبل جريدة الزمان التي كان المرحوم احمد الهوتي مؤسسها وكان حينها يشغل منصب وزير الثقافة الليبية . وتعتبر جريدة العرب مدرستي الأولي في الصحافة والكتابة والإبداع ، وكان لي عمود فيها ، اشتغلت باذاعة ( أُمْ برابند بمدينة ايندهوفن لمدة 5 سنوات ، أصدرت مجلة بعنوان ” مجلة الأيدي العاملة ” في أواخر السبعينيات بامر من الملحق الثقافي بالسفارة المغرببة بلاهاي هولندا ، ترأست الودادية المغربية تحت طلب السفارة المغرببة بلاهاي ، وكان وقتها المقيم بالأعمال السيد ميمون من مدينة وجدة ، شاركت وترأست عدة مظاهرات ووقفات فلسطينية على الصعيد الوطني . حاليا عضو بمقهى الشعراء بمدينة ايندهوفن للغة الهولندية ، لي ديوان باللغتين عربي هولندي وهو عمل مشترك بيني وبين الشاعر والرسام الهولاندي جاك فن هوك ، وقد وزعت بعضه على بعض الأصدقاء .
هذا قليل من كثير ناهيك بنشر مقالات وقصص وشعر وحوارات عبر مجلات وجرائد عربية ومغربية منها : العلم الاتحاد الاشتراكي بيان اليوم . كما أجرت الأخت الصحفية فاطمة الثواتي مقابلة تلفزيونية في التسعينات معي حول أعمالي ، وقد شاهدها كل القصريين ، كما زارني الصحفي والإعلامي مصطفي الأبيض الذي يعمل بالقناة الأولى المغربية مرتان بمقر سكناي بهولندا ، مرة زارني ببيتي للحديث عن أعمالي وككاتب مهجري ، وتم تسجيل الحوار نصف ساعة وبُث عبر التلفاز المغربي ، ثم بعد سنة زارني بمقر عملي أي بالمؤسسة التعليمية بهولندا ، وتمت خلالها زيارة القسم وحوار حضره مدير المؤسسة وتم التسجيل وبثته التلفزة المغربية ، وهذه الأنشطة كلها مسجلة فى شريط فيديو كأرشيف ) ) .
محمد التطواني كاتب وروائي وشاعر وصحفي من مدينة القصر الكبير يقيم بالمهجر ( هولاندا ) ، حيث قال : ( لقد اخترت الغربة بملء إرادتي ، وأكتب أعمالي بعفوية ، الكتابة هي وسيلة من وسائل التقارب والتفاهم بين الحضارات ) . له مجموعة من الروايات والقصص وديوان شعري مشترك . منها : في الروايات : الإسعاف الأخير ، وبوْحٌ ، ومكاشفة تاريخ الزعيم ، أحلام فوق النعش . في القصص : الاسترخاء معها ، الوجع الأخير ، مهرب الأحلام ، الحيتان والثعابين . في الشعر : لا أتكلم لغتك لكن … أتفهم شعورك . نصوص شعرية بالاشتراك مع جاك فن هوك . وفي الصحافة عمل في جريدة الجسر وهي جريدة عربية مستقلة ، وفي جمعية الصحفيين العرب في هولاندا حيث عمل مسؤولا عن اللجنة الثقافية ، وعمل رئيس تحرير بمجلة ” الطاحونة ” ، شهرية ثقافية مستقلة . بالإضافة أنه عضو في اتحاد كتاب المغرب . ناهيك بمشاركته في مجموعة من اللقاءات الثقافية والفكرية بالإذاعة والتلفزة المغربية والهولاندية . وقد نشر مجموعة من الدراسات والموضوعات في مختلف الجرائد المغربية والعربية والأجنبية اليومية والأسبوعية والشهرية ، منها العلم والتحرير وبيان اليوم الاتحاد الاشتراكي والمنعطف والصباح وجريدة الشمال وجريدة العرب اللندنية ومجلة الأيدي العاملة بهولاندا وكان من مؤسسيها وجريدة التجمع القومي العربي ومجلة العربي الكويتية الشهرية وغيرها .
ــ ثانيا محمد الجباري . جاء في سيرته الذاتية :
(( انخرط منذ طفولته الأولى في العمل الثقافي والفني وأسس وهو ما يزال في سن مبكرة جدا نادي الثقافة والفن بدار الشباب ، هذا النادي كان موجها لتلاميذ المدارس الابتدائية من اجل صقل مواهبهم الإبداعية والمعرفية ومن بين الأنشطة الثقافية التي كانت تقام بدار الشباب المسابقات الثقافية بين مدارس المدينة ، وكانت تلقى حضورا وإشعاعا كبيرا . انضم محمد الجباري في طفولته الأولى إلى الفرق المسرحية بمدينة القصر الكبير وشارك في عدة أعمال ومن بينها مسرحية ” اهل الكهف ” ضمن فعاليات مهرجان مسرح الهواة بالمغرب ، ومسرحية ” المجنون ” بالمهرجان الدولي بأصيلا ومسرحية ” شجرة الزيتون ” في اطار المهرجان الثقافي بكلية العلوم بتطوان وأعمال أخرى . كما انه شارك مع الفرقة الوطنية لمسرح الدمى بالرباط تحت إشراف خاله عميد مسرح الدمى بالمغرب المرحوم سي محمد الجباري في عرض مسرحية ” الأميرة والأقزام ” هذه المسرحية التي كانت من تأليفه وهو طفل لم يتجاوز بعد سن الخامسة عشر وعرضت المسرحية في المسرح الوطني بالرباط حيث لاقت نجاحا كبيرا … اهتم محمد الجباري أيضا بالعمل الادبي حيث كان بمعية بعض مثقفي الشباب بتمثيل المدينة في عدة لقاءات أدبية ( شعر وقصة) بالمغرب و كان عضوا مؤسسا لجمعية الامتداد الأدبية المتميزة ، اهتم محمد الجباري بالفن السابع ودرس السيناريو وأنجز سيناريو فيلم طويل ” كٍلية واحدة تكفي” ، ” حب واشياء أخرى ” ) ) .
محمد الجباري من مواليد مدينة القصر الكبير ، حاصل على إجازة في العلوم من كلية العلوم بتطوان ، ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد والتسيير من المدرسة العليا للاقتصاد باتريخت هولندا ، يعمل أستاذا لمادة الاقتصاد بهولندا ، فهو كاتب وروائي وممثل وكاتب سيناريو .
صدر له : مجموعة قصصية ” أشواق مهاجرة ” ، و رواية ” جنازة بدون ميت ” ، ومجموعة قصصية ” تشرق الشمس من ناحية الغرب أحيانا ” . اختير سنة 2014 شخصية السنة في مدينة القصر الكبير حسب استطلاع أجرته ونظمته بوابة القصر الكبير لقرائها .
ــ ثالثا محمد علي السباعي : جاء في سيرته :
(( محمد علي السباعي من مواليد مدينة القصر الكبير ، بدأت الدراسة الإبتدائية بمدرسة سيدي علي اللخمي و التي حصلت فيها على أعلى معدل إبتدائي قبل الإنتقال الى إعدادية أبي المحاسن و التي انتقلت منها إلى ثانوية المحمدية بنتائج جد مشرفة . و بعد سنتين من الدراسة قررت الإنتقال للإقامة في إسبانيا ، حيث تابعت الدراسة بمدينة مالقا أين حصلت على شهادة البكالوريا الإسبانية تخصص آداب . بعد ذلك ، درست التكوين تخصص إلكتروني يهم آساسيات الحاسوب و تصليحه ، كما درست مجال الألياف البصرية و كل ما يتعلق بشبكات الإتصال و الإنترنت فحصلت على دبلوم مكنني من العمل بشركة أورنج للإتصالات و بعدها شركة Jazteel ، قبل أن أستقر بشركة Vodafone و التي أعمل فيها كتقني منذ أكثر من 6 سنوات . مسيرتي الإعلامية بدأت مع موقع Ksar Forum او بوابة القصر الكبير سنة 2007 و التي كنت مشرفا فيها على منتدى تاريخ مدينة القصرالكبير . بعدها جاءت تجربة الفايسبوك وقررت إنشاء صفحة شاملة تخص كل ما يتعلق بالقصر الكبير صوتا و صورة ، و الحمد لله ، نجد الصفحة قد تعدت 45 ألف متابع . لي مقالات عدة كلها تهم مدينة القصرالكبير نشرت على مواقع محلية وجهوية ووطنية كهيسبريسو الشمال بريس . من بين هواياتي نجد التصوير الفوتوغرافي الذي ورثه عن والدي أطال الله في عمره و الذي كان مصوراً محترفاً بمدينة القصر الكبير، و قد عملت على التكوين في هذا المجال بحصولي على عدة شهادات . هواية اخرى، هي العمل على جمع صور تاريخية لمدينة القصر الكبير خصوصا تلك التي بحوزة الأسر الإسبانية التي كانت تقطن بمدينة القصر الكبير إبان عهد الحماية ، و التي تجمعني بها صداقة سواء عن طريق جمعية أصدقاء القصر الكبير و التي أنا عضو فيها منذ 2001 او عن طريق الفايسبوك . كما أعمل على ترجمة عدة مقالات و أعمال و أخبار من اللغة الإسبانية الى العربية )) .
محمد السباعي كاتب وباحث بالكلمة والصورة في تاريخ مدينة القصر الكبير ، دقيق في أبحاثه التاريخية ، ومخلص في كتاباته المتنوعة عن مدينة القصر الكبير ، ووثني في حبه لها ، وأمسى من رواد وكتاب تاريخ مدينة القصر الكبير وأعلامها رجالا ونساء ، ومختلف مآثرها العمرانية والتاريخية ، مرفوقا بالكلمة والصورة .

في الختام أتمنى أن تنال هذه الدراسة المتواضعة الإعجاب والقبول من قبل الباحثين والمهتمين بهذا الجنس الأدبي المتمثل في هذه اللقالق القصرية المهاجرة التي تأبطت اليراع والورق لتمارس كتاباتها المفضلة بالحرف والحبر والصورة . ولا أدعي أني أحطت بكل ما يتعلق بهذه الجماعة الأدبية المختارة ، وبإنتاج كل واحد منها في المجال الثقافي والجنس الأدبي . فهذه بداية مني ، والباقية من المهتمين والكتاب .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading