لا أنام(04)

28 أكتوبر 2021

ذ : إدريس حيدر

تقدمنا معا بطلب إلى المحكمة من أجل استصدار حكم يقضي بطلاق اتفاقي بيني و بين زوجتي .
خضعت لتوجيهات الطبيب المعالج و حاولت التكيف مع حياتي التي لم أخترها .
ظلت وضعيتي النفسية ،كذلك بين صعود و هبوط ، و اخترت الانزواءعن الناس و الابتعاد عنهم.
كما أمسيت أعيش بالحد الأدنى في كل شيء : الأكل و الشراب ،الملابس ،التطبيب…الخ ،لأن راتبي من خدمتي العسكرية لم يكن يسعفني.
في احد أركان المنزل كنت استرجع – بشكل دائم- فصولا من حياتي الكئيبة، و كان مؤنسي في وحدتي هو جهاز الراديو.
و في إحدى الأيام سمعت من مذيع إحدى النشرات الإخبارية ، إخبارنا بتاريخ إجراء امتحان الباكلوريا ،و أن على المرشحين الأحرار أن يربطوا الاتصال بالمركز القريب منهم من أجل ملئ ملفات الترشيح و إرفاقها بالوثائق المطلوبة .
و فجأة لا أدري ماذا حصل بداخلي ،شعرت بقوة استثنائية و جموح كبير من أجل ركوب التجربة و رفع التحدي .
استيقظت من سباتي و بياتي و قصدت الجهة ذات الصلة ، و قمت بالإجراءات المطلوبة و قدمت ملف ترشيحي لاجتياز امتحان الباكلوريا.
ربطت الاتصال بسرعة فائقة مع تلامذة القسم النهائي من الدراسات التأهيلية و الذين سيجتازون امتحان الباكلوريا من أجل استنساخ ملخصات المواد المقررة و تحضيرها.
عكفت على التحصيل ،دون آكل أحيانا، و كأنني زاهد يتعبد في دير.
أهملت نفسي ،فاتسخت و كذلك ملابسي و عفوت عن لحيتي، و غدوت أبدو و كأنني بعثت من قبر أو منسيا في إحدى الكهوف.
لم انم ليلة الامتحان ،و انتابتني من جديد حالة خوف و قلق شديدين و راودتني فكرة التخلي عن الامتحان.
كنت ذلك الصباح و أنا متجه إلى مركز الامتحان أشعر بالذبول ،و كانت رجلي لا تقويان على المشي ،ترتعدان و تتعثران ،كما أن رغبة الغثيان لم تكن تفارقني.
ولجت الفصل المعين ، و لاحظت أن بعض المرشحين كانوا في مثل عمري ، يضحكون و يرسلون نكثا حول الامتحان و المرشحين الأحرار.
هذه الأجواء المريحة خلقت بعض الطمأنينة بداخلي.
دخل القاعة ثلاثة حراس و أخذوا امكنتهم ،و فجأة ولجها شخصان يحملان أظرفة كبيرة ،مزقا أغلفتها ،و بدءا يوزعان اوراق امتحان المادة الأولى التي كانت تتعلق بالتاريخ و الجغرافية.
كان قلبي قد بدأ يدق دقات قوية ،يكاد الغير يسمعها ،حتى خفت أن ينط من قفصي الصدري .
تمكن مني الخوف و الرعب ثانية . وُضِعَت ورقة الامتحان أمامي من طرف المسؤول الذي كان يوزعها ،كنت قد أغمضت عيني خوفا من مفاجأة غير سارة .
بدأت أفتحها بمهل ،و بمجرد أن قرأت الأسئلة، انكببت على الأجوبة دون تردد و كان ذلك لأول مرة ،كما أنني كنت أول من أنهى الجواب و سلم ورقة الامتحان لأحد المسؤولين.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading