بقلم : عبد القادر الغزاوي
كلمة في البدء . هذه فصلة مختصرة تجنبا للإطالة ، من دراسة متواضعة أنتجتها في الموضوع .
الرثاء في الشعر العربي له نصيب من رثاء الكلاب من طرف أصحابها ، لما تركته في نفوسهم من فجيعة وأثر وفراغ عند فراقها لهم وخاصة بعد موتها ، الشيء الذي يبين الجانب الإنساني والاعتراف بالجميل لهذه الحيوانات ، وما كانت تتمتع به من خصال نادرة ووفاء دائم . وهذه نماذج من قصائد بعض الشعراء .
1 ـ أبو نواس ( 145 – 199هـ / 762 – 814 م ) لما توفي ( كلبه حلاّب ) الذي كان عزيزا عليه ، نتيجة لسعة حية ، رثاه بقصيدة منها :
يابؤسَ كلبي سيّد الـــــكلاب ×× قد كان أغناني عن العقابِ
وكان قد أجزى عن القصّاب ×× وعن شراء الجلب الجَـلاّبِ
ياعينُ جُودي لي عن حـلاّب ×× من للظِّباء العُفْر والذئــابِ
وكل صقْر طالِع وثـّـــــــــاب ×× يختطفُ القُطّان في الرّوابي
كالبَرق بين النجم والسّحاب ×× كم من غزالٍ لاحقِ الأقـراب
ذي جيئةٍ، صَعب وذي ذهابِ ×× أشبعني منه من الكبـــــــاب
خرجتُ والدنيا إلى تَبــــــــاب ×× به وكان عدّتي ونابـــــــــي .
×××
2 ـ وكذلك عباس محمود العقاد (1889 – 1964 م) رثى كلبته التي كانت تسمى (بيجو) عندما توفيت ، بقصيدة مطلعها :
حزنا على بيجو تفيض الدموع ×× حزنا على بيجو تثور الضلوع
حزنا عليه جهد ما أستطيـــــع ×× وأن حزنا بعد ذلك الولـــــــوع
والله يابيجو لحزن وجيـــــــــع
حزنا عليه كلما لاح لــــي ×× بالليل في ناحية المنـــــــــــزل
مسامري حينا ومستقبلـــي ×× وسأبقى حينا إلى مدخلـــــــــي
كأنه يعلم وقت الرجـــــــــــــوع
وكلما داريت إحدى التحـــف ×× أخشى عليها من يديه التلــــف
ثم تنبهت وبي من أســـــف ×× ألا يصيب اليوم منها الهـــــدف
ذلك خير من فؤاد صديــــــــــع
حزين عليه كلما عزنــــــي ×× صدق ذوي الألباب والألســـــن
وكلما فوجئت في مأمنـــي ×× وكلما اطمأننت في مسكنـــــــي
مستغنيا أو غانيا بالقنـــوع
وكلما ناديته ناسيــــــــــــا ×× بيجو ولم أبصر به آتيـــــــــــــا
مداعبا مبتهجا صاغيــــا ×× قد أصبح البيت إذن خاويــــــــــا
لا من صدى فيه ولا من سميـــع .
×××
3 ـ وكذلك فعل السلطان مولاي عبد الحفيظ العلوي (1876- 1937م) لما توفيت ( كلبته حذام ) بعد مرض ألم بها، والتي كانت من أعز الحيوانات عنده ، حيث رثاها بقصيدة طويلة ، منها هذه الأبيات :
سكبت دمعها و هاجت مآقي ××
و تدانت و روحها في التراقي
برهنت لي عن ودها و قديم الـــ××
ـعهد منها بشـدة الإشفـاق
أوقدت بفراقها نار وجـدي ××
ليت شعري هل المتفرق راق
أفزعتني بغشية قـد علتـها ××
فهرعت لضمهـا و اعتنـاق
ثم نـاديت يا حـذام لأدري ××
هل لروح تماسـك باعتـلاق
فأصاخت إلى كلامي و لبت ××
ما على الميت إن أبى من شقاق
امتثالا لما دعـوت أجـابت ××
وأبانت صداقـة في السيـاق
ثم جادت بنفسها و استراحت ××
من أليم العذاب و الإرهـاق
فدفعت بها إلى التـرب حفظا ××
لحـقوق أكيـدة الميـثـاق
×××