إشراقات ثقافية(16): المجتمع القصري في المنتصف الاول للقرن العشرين -احداث وعادات-

7 أبريل 2023

من تقديم أمينة بنونة

المجتمع القصري في المنتصف الاول للقرن العشرين -احداث وعادات-
للمرحوم محمد بن عبد الرحمان بنخليفة الخليفي

التعليم العصري في القصر
أيـام الحـمـايـة

يبدو أن أولى المدراس العصرية التي تم إنشاؤها أيام الحماية بالنسبة للمغاربة كانت عبارة عن مدرسة صغيرة في باب الواد قبالة ضريح سيدي قاسم بن زبير المصباحي، وذلك قبل العشرينات وفي درب صغير وفيها تلقى بعض أبناء المغاربة الأبجدية الأولى من الحروف اللاتينية وكانت هذه المدرسة تعمل وفق تعليمات الإدارة الاستعمارية التي كانت راغبة في خلق أطر إدارية مغربية صغيرة يمكن استخدامها في سد بعض حاجيات إدارة الحماية، وضمت تلك المدرسة عناصر مختلفة مؤلفة من مغاربة مسلمين ويهود وبعض أبناء الاسبان في هذه المدينة.
يبدو أن أول مدرسة اسبانية خاصة أسست لأبناء الجالية الاسبانية قد أنشئت في حي سكرينيا (دار الأندلس) الذي كانت قد بدأت الإدارة الاسبانية تفكر في جعلها حيا خاصا بجاليتها آنذاك، وكانت تلك المنطقة تعرف بزيتون الجباري. وكانت هذه المدرسة لا تدرس فيها المواد إلا باللغة الاسبانية ولأبناء الجالية الاسبانية لا يشاركهم في ذلك غيرهم. وفي خلال العشرينات عمدت الإدارة الاسبانية إلى إنشاء أول مدرسة تقنية بوليتكنيك صغيرة وكانت أول مدرسة من هذا النوع في مدينة القصر، وضمت مجموعة من التلاميذ كان جلهم من الاسبان، أريد بهم تكوين أطر صغيرة تقنية تسد حاجة ملحة في الميدان الميكانيكي والكهربائي والطبي، ولم يلتحق بهذه المدرسة في النهاية إلا عدد قليل من المغاربة قصد تكوين عمال مساعدين في هذه المجالات.
كانت هذه المدرسة مشرفة على حي أو ساحة مولاي المهدي واستمرت تلك المدرسة إلى نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات، أي قبل إنشاء السوق المركزي القديم حسب إفادة بعض المطلعين والمتقدمين سنا.
أما عن أول مدرسة ظهرت في القصر الكبير ذات برنامج حكومي ومنهاج مزدوج يجمع بين تعليم اللغتين الأسبانية والعربية، فقد أسست في حي القناصل المؤدي إلى دار غيلان وقد كان التدريس بهذه المدرسة مختلطا وكان يجمع بين المسلمين واليهود واقتصر تدريس العربية على المسلمين، ويظهر أن السكان لم يكونوا راضيين عن ذلك الاختلاط، فاضطرت مفتشية التعليم آنذاك إلى بناء مدرسة خاصة بالمسلمين خلف جدار ضريح سيدي بو أحمد التي سميت فيما بعد باسمه، أما المدرسة السابقة فقد اختص بها اليهود ويعود ذلك إلى العشرينات وسميت باسم بنشبروط وتسمى حاليا للا فاطمة الأندلسية.
ومما تجدر الإشارة إليه أن التعليم في هذه المدارس كان يجعل اللغة الاسبانية هي اللغة الأولى، وبها كان تدريس العلوم والرياضيات بالاسبانية، أما العربية فتدرس كلغة مع بعض الدروس الدينية وأغلبية أساتذتها كانوا من الاسبان ولم تعزز العربية بمواد أخرى كالتاريخ الاسلامي إلا في نهاية الثلاثينات ومع قيام الحركة الوطنية.
ومن المدارس التي أنشئت في هذه الفترة مدرسة بحي النيارين بالشريعة وبزقاق للا عائشة الخضراء والتي ستتحول إلى مدرسة للبنات خلال الأربعينات تشرف عليها هيئة مختلطة من المغاربة والاسبان، ففي هذه الفترة بدأ الأهالي يرون أن تعليم البنات أصبح ضروريا للمساهمة في بناء مجتمع جديد والذي كانت تدعو إليه حركة الإصلاح والنهضة في ذلك الوقت. (ص 82/83)

 

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading