
د. عبد السلام دخان
وجدت في الكثير من القصائد، والاستعارات الرفيعة إمكانية جديدة للعيش، ووجدت في الصور السردية إمكانية للإقامة خارج أنساق معهود فن العيش، ووجدت في أصوات الصور السينمائية إيقاعا للرقص في البراري، وفي الساحات، وفي الفضاء العام. لا يمكن نسيان ما حدث، خاصة مع المحاولات الجديدة لتدجين الإنسان وترويضه وفق مصفوفات اليبرالية المتوحشة، بيد أن معاودة التفكير فيما يهدد الحياة، وفي الأزمة التي يعرفها الإنسان اليوم وهو يواجه محاولة اغتيال الأثر الإنساني وتعويضه بالبرمجيات الدقيقة، تجعلنا ندرك أهمية الفنون التعبيرية، وضرورة العناية المباشرة والرمزية بالطاقات المبدعة. وضرورة تجاوز النمذجة بتعبير ليبتوفسكي Libitovsky، والاستفادة من هذه الانعطافة نحو الفنون والعلوم الحقة والإنسانية، وضرورة تجديد أشكال الفنون التعبيرية وطرائقها عبر تكثيف الزمن، ومحاولة التخلص من الأثر النرجسي، ومن بربرية الراهن، ومحاولة الحياة خارج أسوار” إمبراطورية” التفاهة، وصناعها، والمصفوفات الهجينة.
لا جدوى- في تقديري- من العودة إلى الوراء سواء بخطوة أو أكثر، ولا جدوى من الخطاب الجنائزي كلما تعلق الأمر بتحدي جديد تواجه الإنسانية في هذه الأرض التي لا نعرف مستقرا آخر غيرها. ينبغي اليوم النظر إلى الراهن( في تعدده واختلافه) بغية تمثله على نحو دقيق، ومحاولة استشراف المستقبل القريب.