ملاحظات عامة بشأن الملف الضريبي ولماذا يعارض المحامون مقتضيات مشروع قانون المالية لسنة 2023:

30 أكتوبر 2022

ذ . محمد طلحة – محامي بهيئة طنجة 

 

1- المقتضى المتعلق بالاداء المسبق:
تحديد مبلغ الاداء المسبق (عن الضريبة على الدخل بالنسبة للمحامين الافراد او الضريبة على الشركات بالنسبة للشركات المهنية) هو مخالف لقاعدة اساسية في القانون الضريبي وهي ان هذه الضريبة تؤسس على الدخل الفعلي. ولا تؤسس على دخل مفترض او مفروض.
والدخل الذي أسس عليه الاداء المسبق هو دخل مفروض، بمعنى انه سيفرض على المحامي استخلاص حد أدنى مفروض عن كل ملف، لكي يتساوى ما أدي مسبقا مع نسبة الضريبة.
وسيتوجب استخلاص هذا الحد الادنى المفروض مهما كان نوع الملف ومبلغه ومصير المسطرة فيه (عدم قبول او رفض او صلح او سقوط).
كما انه لن يتمكن المحامي من التطوع بعمله لصالح بعض الفئات الضعيفة او في بعض القضايا ذات الطابع الخاص كالقضايا الشخصية والعائلية والقضايا الحقوقية او في اطار التطوع الجمعوي، لانه سيتعين عليه الأداء المسبق ولو لم يحقق دخلا.
ونفس الشيء بالنسبة للاشخاص والمؤسسات العامة والخاصة التي تتعاقد مع محام باتعاب جزافية لا تاخد بعين الاعتبار عدد ونوع الملفات.
وهذا سيكون على المحامي اختياران لا ثالث لهاما: اما الأداء المسبق عن مبالغ لم يستخلصها او لم يستخلص قيمة توازي ما يؤديه فعليا للضرائب، أو ان يرفع اتعابه بما يوازي ما يؤديه، وهنا ننتقل للنقطة الثانية.

2- تضريب العدالة:
الاصل في الدولة الحديثة ان تضمن الحق في الولوج للعدالة. وتعتبر اغلب الدراسات القانونية فرض الرسوم القضائية عائقا نحو اللجوء للقضاء.
وفرض الاداء المسبق سيجعل الحد الادنى للدخل المقابل لهذا عائقا امام المتقاضي الذي سيتعين عليه أداء الرسوم القضائية واداء مبلغ ادنى كأتعاب كاف ليستوعب الاداء المسبق والضريبة القيمة المضافة.
فهذا المقتضى هو تضريب غير مباشر للحق في اللجوء للعدالة.
وسيكون من نتائج هذا الفرض وضع حاجز امام الفئات الضعيفة والهشة، وخصوصا توجيهها نحو التقاضي بدون مساعدة قانونية وحرمانها من الولوج المستنير للعدالة.

3- الاقتطاع من المنبع:
استحدث مشروع قانون المالية التزاما على الشركات باقتطاع نسبة 20% من الاتعاب على أساس اعتبارها جزءا من الضريبة على الدخل.
فنسبة الاقتطاع المقترح بالنسبة للشركات المهنية تكاد تستغرق النسبة المستحقة عن الضريبة عن الشركات.
ونسبة الاقتطاع بالنسة للمحامين الافراد لا يبقي الا نسبة تقارب 15% (في حدها الاقصى).
وهذه النسبة تفترض ان الضريبة تؤسس على المبلغ الكامل للأتعاب، باعتباره دخلا وربحا صافيا ولا تاخد بعين الاعتبار ان المحامي له مصاريف مهنية قابلة للاقتطاع.

4- الضريبة على القيمة المضافة:
هذه الضريبة يفترض ان الذي يؤديها هو موكل المحامي وان المحامي انما يحصلها لصالح الدولة.
فلسفة هذه الضريبة هي ضريبة تُفرض بتزايد بناءً على الزيادة في قيمة المنتج أو الخدمة في كل مرحلة من مراحل الإنتاج أو التوزيع.
لكن العملية القضائية ليست سلسلة انتاج او توزيع.
والمتقاعدون لا يحققون جميعا اي ربح او زيادة من التقاضي.
فإذا قمنا بتحليل العملية القضائية، يتبين ان المتقاضي اما أن يكون دائما بمبلغ مستحق له اصلا، وبالتالي داخل في الدورة الاقتصادية وخضع للتضريب قبل ان يدخل دائرة التقاضي (فواتير، اوراق تجارية، ديون …) او انه تعويض عن اضرار لحقت المتقاضي (وان يتجاوز ابدا مبلغ التعويض مبلغ الضرر الحقيقي) او انها وفاء بالتزامات (النفقة الكراء او غيرها). والعملية القضائية لا تضيف اية قيمة لمنتوج التقاضي حتى ولو اكتسى صبغة التعويض. كما انه قد يكون مجرد دفاع لتجنب الحكم على المتقاضي بما طلب ضده (مدعى عليه او متهم).
وبالنسبة للمتقاضي فالاتعاب المؤداة للمحامي مهما كان تقديره لعمله والجهد الذي يقوم به، انما تشكل من الناحية الاقتصادية مبالغ تنقص من جديد من المبالغ الناقصة اصلا التي قد يحصل عليها من التقاضي.
ولذلك فالأصل هو عدم تضريب هذه الخدمة باعتبارها لا تحقق قيمة مضافة بالمفهوم الاقتصادي والمالي.
او اعفاءها كليا من التضريب او ادخالها في صنف الخدمات الخاضعة لنسبة 0% من ها التضريب.
او على الاقل اعفاء المتقاضين من بعض الاصناف منها خصوصا مستحقو النفقة ومستحقي التعويض عن حوادث الشغل ونزاعات الشغل وحوادث السير والاضناء والمتهمون في المساطر الزجرية…

5- الضريبة المهنية: الباتنتا
المحامي لا يتمتع بالحماية القانونية المخولة الاصل التجاري. وقد أوصت المناظرة الوطنية الثالثة للجاليات بضرورة ((استبدال الرسوما لمحلية المحتسبة على أساس القيمة الكرائية وكذا الرسم على الأراضي غير المبنيةبرسم عقاري محلي يحتسب على أساس القيمة التجارية )).

6- العدالة الضريبية والحق في احتساب المصاريف المتعلقة بالخدمات الاساسية:
فرغم ان الدستور يرتب على عاتق الدولة توفير خدمات اساسية للمواطن. فان الواقع يؤكد انسحاب الدولة من مهمة توفير السكن والصحة والتعليم والامن. مما يضطر الافراد للجوء للقطاع الخاص واداء مقابل تلك الخدمات.
والعدالة تقتضي ان تتحمل الدولة الحد الادنى من المصاريف المتعلقة بتلك الخدمات وان تسمح باقتطاعها من الاساس الضريبي لكل ملزم.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading