يوميات معتقل سابق :  تضامن المعتقلين.

23 أبريل 2023

ذ . ادريس حيدر

كان المعتقلون السياسيون يقضون أيامهم رهن الاعتقال و الحبس و هم كتلة متراصة و متضامنة و متآزرة .
و كانت الأدوار توزع بين أعضائها .
و كان كلما تطلب الأمر اجتماعا من أجل الدفاع عن حقوقهم و صيانتها او محاولة وضع حد لتعسف الإدارة في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي أو الدفاع عن كرامتهم ، أو تطلبت اللحظة إصدار بيان سياسي مرتبط بالوضع الداخلي للبلاد أو الدولي ، إلا و استجابوا جميعا للقيام بما تمليه عليهم قناعاتهم و ضمائرهم .
و قد تحصل اختلافات في الرؤى و المقاربات، إلا أن الموقف النهائي يخضع للتصويت و بالتالي تنتصر الديمقراطية .
و هكذا أصدر المعتقلون السياسيون بيانات تدين الوضع السياسي في البلاد و تُعرِّي قرارات الدولة المضرة بالجماهير و تنتصر دائما للشعب ، و تتضامن مع المعتقلين السياسيين و معتقلي الرأي في محنتهم ، مطالبين بإصدار عفو عام عليهم ، و لم يفتهم إصدار بلاغات تتعلق بالوضع العربي المأزوم و المتردي جدا ، شجبوا فيها تآمر و تواطئ الأنظمة العربية على الشعب الفلسطيني ، معلنين إيمانهم بأن الانتصار على الدولة الصهيونية سيكون حليفه.
و ما كان يُلْفِتُ الانتباه في إقامة المعتقلين السياسيين بالسجن ، هو انضباطهم الكبير لتعليمات ” لجنة الحوار ” التي كانت المحاور الوحيد و الاساسي للإدارة و الساهرة على حسن إقامتهم .
ما ميز أيضا تواجدهم بالقلعة الإسمنتية هو انكبابهم على قراءة أمهات الكتب الفكرية و الفلسفية و الأعمال الإبداعية و خاصة لكبار الروائيين في العالم .
و كانت كذلك نقاشات المعتقلين السياسيين أحيانا حادة لكون أصحابها عادة ما ينتمون لمشارب سياسية مختلفة ، لكن كانت تتم باحترام تام و كامل لبعضهم البعض .
و يجدر التذكير إلى أنهم كانوا يتعاملون مع الأغيار بكثير من التحفظ ، درءاً للوقوع في فخ المخابرات ، و معرفتها لنوع زوارهم أو توقيت إصدارهم لبياناتهم أو معرفة مضامينها .
هذا الموقف الاحترازي كان الهدف منه حمايتهم و تنظيماتهم خارج السجن .
من جهة أخرى كانت حصة الرياضة للترفيه عن النفس أكثر منها للمحافظة على الطراوة و رفع منسوب المناعة الجسدية .
فمن المعتقلين من كان لا يقوى على القيام بالتمارين ، و منهم من كان يغش و آخرين ينسحبون معلنين عدم قدرتهم على مواصلتها، خاصة و أن أغلبهم كان يدخن و لم يسبق له أن مارس الرياضة .
و في الاماسي ، كانت تعقد ، في الغالب حلقات للنقاش ، قد تأخذ كثيرا من الوقت و أحيانا تدوم طويلا .
و بين الفينة و الأخرى تتوقف المناقشات، حيث تُرْفع الشعارات و تُردد الأناشيد ، التي يملأ صداها كل أركان السجن و التي تنتصر للعامل و الفلاح و تمجد القيم الفضلى ، و تنبئ باقتراب النصر و بزوغ شمس الحرية .

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading