بقلم: أمينة بنونة
إن مدينة القصر الكبير بقدر ما سجلته من تراث وحضارة، أنتجت أيضا طاقات نسائية ورجالية أثمرت في شتى المجالات الأدبية والفنية والقانونية والحقوقية. وقد اخترنا لشخصية الأسبوع هذه المرة، الحديث عن الأستاذة المحامية السيدة فطوم قدامة، سيدة من بيت علم وثقافة ونضال تشربته من والدها الرجل الوطني المرحوم السيد أحمد قدامة. ولا غرو فهي مفخرة لمدينتنا القصر الكبير، وعنصر اعتزاز وتقدير لحاضرها.
والسيدة فطوم قدامة، من مواليد مدينة القصر الكبير، يوم 11 يناير 1945، بينما كان تعليمها الأولي والابتدائي بين أسوار المدرسة الأهلية بالقصر الكبير، لتلتحق بعدها لإتمام دراستها الإعدادية والثانوية، بمدارس محمد الخامس في العاصمة الرباط. حيث حصلت سنة 1961على شهادة الباكالوريا العامة الأولى، ثم على شهادة الباكالوريا الثائية – قسم الفلسفة، سنة 1962 . الأمر الذي مكنها من الالتحاق في دراستها الجامعية بمعهد العلوم الاجتماعية، الذي نالت فيه الإجازة في علوم الاجتماع (1966)، لتلتحق بعد ذلك بكلية الحقوق، فنالت الإجازة في الحقوق (1972)، وكذلك حصلت على دبلوم الأهلية لممارسة مهنة المحاماة سنة 1977. وهي إلى الآن تزاول المحاماة بهيئة المحامين بالرباط.
وقد سبق أن شغلت الأستاذة فطوم قدامة عدة مناصب ومهام، من ذلك:
ـ مفتشة بوزارة الشغل، بين 1969 و1973.
– مستشارة بديوان وزير التجارة سنة 1968.
ـ عضو بمجلس هيئة المحامين بالرباط، من 1986الى 1991 .
ـ برلمانية منتخبة باسم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. من 2002 لغاية 2007.
ـ عضو بلجنة العدل وحقوق الإنسان بالبرلمان.
ـ كاتبة عامة لمنتدى النساء البرلمانيات المغربيات والمنظمة العربية “برلمانيون ضد الفساد” وعضو بالتحرك البرلماني العالمي.
وللمحامية السيدة فطوم قدامة أنشطة سياسية وحقوقية وجمعوية مشهود لها بها. فهي:
ـ انخرطت سنة 1962عضوا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، والاتحاد الوطني للقوات الشعبية .
ـ عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بين 2001 ـ 2005 .
ـ عضو المجلس الوطني للحزب، منذ 2001 إلى الأن.
ـ عضو المكتب الوطني لجمعية جسور ملتقى النساء المغربيات. ابتداء من سنة 1998
ـ شغلت منصب نائبة رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، سنة 1996. كما كانت ممثلة لهذه المنظمة بمجلس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، التي يوجد مقرها بالقاهرة.
ـ تقلدت مهام مستشارة قانونية لدى العديد من المؤسسات، من بينها الوزارة المكلفة بأوضاع المرأة وحماية الأسرة والطفولة وإدماج المعاقين (1999-2001) والمجلس البلدي للرباط – حسان (1998-2004).
ـ عضوة بالمجلس الاستشاري لحقوق الانسان منذ سنة 2001 إلى 2008.
ـ سنة 2004 أصبحت عضوا بالمنظمة الدولية لمنظمة برلمانيون من أجل التحرك العالمي A G. p التي تعمل على دعم المحكمة الجنائية الدولية، وقد شاركت في دورتها المنعقدة باليابان، وكذا دورة لاهاي .
ـ وسنة 1999صارت عضوا بمجلس الأمناء التابع للمنظمة العربية لحقوق الانسان .
وإضافة إلى كل هذه الأنشطة المثمرة، اهتمت السيدة فطوم قدامة بمجموعة من القضايا ذات الاهتمام الحقوقي والقانوني، وقد أسعدها أن قدمت اقتراحا دفاعيا عن مصلحة الأطفال، إذ توصلت إلى وسيلة قانونية تمكن من محو كلمة طفل مجهول الأب، من دون المساس بالقواعد الشرعية المتعلقة بالإرث عند إثارة نزاع أمام المحكمة. كما أنها كانت ضمن اللجنة التي كان يرأسها النقيب المرحوم الريسوني، التي كلفت بعد انتهاء عمل لجنة الإنصاف والمصالحة لتحرير مائة أحكام التعويض، التى توصل بها ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان.
وعلى مستوى البحث والكتابة، قد أنجزت السيدة فطوم قدامة، دراسة حول القتل و الموت الرحيم ( اوطانازي ) منشور في العدد الثاني عشر من مجلة المحاماة، الثي تصدرها جمعية هيئات المحامين . كما أنها قد نشرت مجموعة مقالات ذات صبغة قانونية وحقوقية وسياسية، في جريدة الاتحاد الاشتراكي . من غير أن ننسى مشاركتها في إعداد مجموعة من تقارير المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، حول وضعية حقوق الإنسان بالمغرب.
وإذا كانت السيدة فطوم قدامة قد انتخبت ثلاث مرات في هيئة الرباط، وكانت المرأة الوحيدة فيها، فإنها كذلك كانت المرأة الوحيدة المكرمة، أثناء الاحتفال بمرور مائة سنة على انشاء نقابة المحامين المغاربة .
يقول عنها الكاتب محمد العربي العسري، في كتابه (أقلام وأعلام من القصر الكبير في العصر الحديث ملامح من حياة – مقاطع من نصوص) الجزء الثالث ص. (33 )
((شاركت المرأة المغربية دوما أخاها الرجل في العديد من المجالات. وفي تاريخ المغرب أسماء العديد من المجاهدات والفقيهات والعالمات والمحدثات والأديبات والسياسيات ..
ومدينة القصر الكبير فخورة بكونها منحت الوطن أسماء نسائية لعبت دورا طلائعيا في أكثر من ميداين . ومن بين هذه الأسماء الأستاذة المحامية والبرلمانية السابقة والفاعلة الجمعوية فطوم قدامة. وصفت بأنها: “حقوقية حتى النخاع. ترافع حتى في فضاء الحياة، وكأنها خلقت لتكون محامية. في حواراتها وأحاديثها، تخالها حتى خارج فضاء المحكمة والمكتب تحمل ملف وقضية لا ترتكن الى الرف… لأنها قضية وطن وقناعة بأن درب النضال لايعرف نهاية… حين تختنق بالهم اليومي تلوذ بالمنظمة المغربية لحقوق الانسان لاستنشاق هواء نقي لا تلوثه الحسابات والمزايدات)).
السيدة فطوم قدامة متزوجة، وأم لثلاثة أطفال، وبالرغم من بعد إقامتها عن مدينتها القصر الكبير، بحكم عملها واستقرار أسرتها الصغيرة في العاصمة، إلا أنها تحرص دائما على تتبع الشأن الثقافي لمدينتها القصر الكبير وأخبار حوادثها.