ما بعد نكسة الانتقال الديمقراطي..! ” محاولة بسيطة في فهم المشهد السياسي المغربي”

25 يونيو 2024

حميد الجوهري

تابعت حوارا جميلا مع المفكر حسن أوريد، حول إشكاليات العملية السياسية بالمغرب، حيث أطلق صفة “التكلس” على المشهد السياسي ابتداءا من انتخابات 2007 و مآلاتها، انطلاقا من قبول قيادة تجربة الانتقال الديمقراطي بشخص من خارج المشهد التوافقي الانتخابي، ذلك أنه بعد إنزال السيد ادريس جطو، سقطت الممانعة في وجه التقنقراط و الأعيان..، فتوسعت “قشابة” القيادات السياسية للتيار الوطني الديمقراطي، ليتم استيعاب هذه الخلخلة الواضحة في طبيعة النخب السياسية “ممتهنة الانتخابات”، بشكل لم يحجب انتشاره إلا تجربة قصيرة جسدها الاكتساح الانتخابي للبيجيدي، المرتبط بالظروف الدولية بالطبع..!
في اعتقادي البسيط تداخلت الإرادات و تقاطعت، لتصنع لنا هذا الإخراج الأخير ، بقيادة أكبر تيار للأعيان و التكنقراط، بشكل أعادنا لذلك التخويف الأول من سيادة الأحزاب الإدارية، أو ” الحزب السري” حسب مفاهيم ” الكتلة الديمقراطية”، إن هذا المشهد حري بوصفه ” بالتكلس”، لأنه لا يعبر بالمطلق عن رغبات المواطنين الحقيقية، مهما وصفت بالرضا الانتخابي، فهل ترضي موجة الغلاء أحد؟ و هل كانت الكوميرة أكثر شأنا من المازوط؟
و إن كان من إيجابية لذلك التوافق التاريخي بين المرحومين الحسن الثاني، و عبد الرحمان اليوسفي و معه قيادات الكتلة، فإنها لن تكون أكثر من الاجتماع حول الثوابت الوطنية، فهي القمة الوحيدة التي لا ينبغي مطلقا زعزعة الإجماع حولها، مع التشبت بالمسار الديمقراطي، الذي سمي انتقالا سلسا حميدا، بعيدا عن التجارب المؤسفة في العالم المشابه لنا..؛
لكن، كان من الواجب الحفاظ على صلابة الكيانات السياسية الديمقراطية، تشبتا بفضيلة التدافع السياسي، و الذي يعصم بلادنا من تغول المفسدين، و يحول دون الانفلات الدائم من المحاسبة..!
و تحضرني دائما شخصية المرحوم عبد الله بها، حينما كان يشخص لنا المشهد السياسي ببلادنا في أحد ملتقيات شبيبة البيجيدي، كان الرجل متشبتا بفكرة التدرج في الإصلاح، و كان يقصد ذلك التدرج الصلب، المستند إلى أبجديات التدافع الحكيم، بمنطق الإصلاح لا الثورة، لكن شاء القدر بعد موته، أن نتابع تدرجا في مسالك القبول بمخرجات غلبة منطق الأحزاب “الإدارية”، على أي منطق آخر..، و العجيب، هو ركوب قيادات هذا الحزب سيء الحظ قطار التبرير لكل شيء معد سلفا، بعيدا عن امتطاء سلم الإصلاح المتدرج..!
و كأن المشهد السياسي و قف ينتظر خلخلة غيبية، لا يعلمها أحد من عوالم المشاركة السياسية، إذ أن هذه الخلخلة لا تصنعها إلا الوقائع الكبرى، و التحولات الفكرية العابرة للدول، شئنا أم أبينا، تماما كما تبشر الأخبار القادمة من الشرق، و هي أخبار تؤثر كما تلك التي تأتي من الشمال و الغرب، فربما تمتزج مع ضرورات واقعنا اليومي، و نرجو من الله أن تلهمنا و حدتنا جول الثوابت المشار إليها أعلاه، للقبول بالأفكار التي تزكي مكتسبات توشك على الزوال، مكتسبات حصلنا عليها على و قع الانتقال الديمقراطي، و مسلسل المصالحة، مفخرة الفعل السياسي التوافقي.

“يتبع”

 

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading