حقوق الإنسان بين العالمية و الخصوصية …. ومن يحميها للشعوب و الضحايا

29 سبتمبر 2021

ذ ؛ عبد القادر احمد بن قدور

تقديم
طرح إعلان حقوق الإنسان و المواطن الفرنسي عام 1789 م نفسه بصفته إعلانا عالميا ، فهو لا يختص بحقوق الفرنسيين فقط ، بل جاء لمصلحة جميع الناس في كل زمان و مكان .
وعلى الصعيد الدولي يعبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، الذي هو ثمرة حل وسط بين المفاهيم الغربية و المفاهيم الإشتراكية عن عالمية حقوق الإنسان ، فهو يستخدم كلمات مثل ” الناس ” و ” الإنسان ” أو ” الفرد ” ويبتعد عن استخدام ألفاظ ذات مفهوم سياسي أو قانوني مثل ” المواطنين ” أو ” الرعايا ” . و قد نجح الحقوقي الكبير رينيه كاسان ، ممثل فرنسا في لجنة حقوق الإنسان ، الذي كان له الدور الأكبر في وضعه بصورته النهائية ، و في وصف الإعلان بأنه ” عالمي ” بعد أن كانت المشروعات الأولى تصفه بأنه ” دولي ” و قد أوضح كاسان أن الإعلان يستحق هذه الصفة بجدارة من حيث مفهومه و مصدر إلهامه و المخاطبون به و مضمونه ، مضيفا أن الإعلان ينادي بحقوق الكائن البشري من دون تمييز ، وفي أي مكان كان و أيا كان النظام السياسي السائد في البلد الذي يعيش فيه ، أو المجموعة التي ينتمي إليها .
هذا ، وقد حظي الإعلان بنأييد جميع البلدان الديمقراطية و الديمقراطيات الشعبية و الأمم التي استقلت بعد الإستعمار الآتم في كل أنحاء المعمور ، وتبدي الدول كلها ، أيا كانت أوضاع حقوق الإنسان فيها ، حماسا منقطع النظير للإعلان ، و يشهد على ذلك النص على الإلتزام بالإعلان و دمج أحكامه في دساتير العديد من الدول الإفريقية و دول العالم الثالث الأخرى . وهذا يعني أن عالمية الإعلان لم تعد نسبية كما كانت في عام 1948 م و حيث اعتمد بأغلبية (( 48 )) دولة فقط من بين (( 58 )) دولة عضوا في الأمم المتحدة في ذلك الوقت .
وقد تعززت عالمية حقوق الإنسان مع تطور ” القانون الدولي لحقوق الإنسان ” بمختلف مصادره ، وهو قانون يزداد ثراءا مع الزمن ، ونقطة البدء فيه هي فكرة العالمية .
قبل التعرض في هذه الدراسة على عدة معطيات حقوقية و إنسانية و غيرها ، لا بد من الرجوع إلى بعض الفصول و المعطيات في الدستور المغربي الحالي ، وكذلك في الميثاق العالمي و الدولي لحقوق الإنسان و الإستئناس بفصولهم و التأكيد على التنفيذ لهم ، لأنهم أحيانا لا يطبقون سواء ببلادنا أو بدول عربية و إسلامية أخرى .
في تصدير الدستور للمملكة المغربية لفاتح يوليوز 2011 مايلي 🙁 إن المملكة المغربية ، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه ، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق و القانون ، تواصل إقامة على انه المستوى المشترك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب و الأمم حتى يسعى كل فرد و هيئة في المجتمع ، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم ، إلى توطيد احترام هذه الحقوق و الحريات عن طريق التعليم و التربية و اتخاذ إجراءات مطردة ، قومية و عالمية ،لضمان الإعتراف بها و مراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها و شعوب البقاع الخاضعة لسلطانها .
إلى أن يشير هذا الإعلان في المادة 1 بذكر : ( يولد جميع الناس أحرارا متساويين في الكرامة و الحقوق ، وقد وهبوا عقلا و ضميرا و عليهم أن يعامل بعضهم بعضا بروح الإخاء .) إلى غير ذلك من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها كل إنسان في العالم بالتساوي دون أي تمييز و لو بالرأي السياسي ..إلخ..
الحق و صاحبه : الفرد لم يعد يستأثر بحقوق الإنسان ، ولكن هذا لا يعني أن الحقوق الفردية ، التي حمل لواءها إعلان حقوق الإنسان و المواطن لسنة 1789 م فقد فقدت بريقها ، وبلا شك فإن هذه الحقوق تسجل انتشارا ، وهي تمثل حلما بالنسبة إلى الكثيرين في هذا الكون ، ولا يزال الفرد الشخص الأول لحقوق الإنسان .
وهذا لا يعني القفز على الحقوق الإجتماعية و الإقتصادية و الثقافية التي تعد دينا على الدولة ، لا بد الآن من أخذ البعدين الفردي و الاجتماعي للإنسان ، و الإنسان الذي نعنيه ليس الفرد منعزلا أو مأخوذا على حدة ، و هو ليس الفرد الذي ينتظر كل شيء و بشكل سلبي من الدولة ، إنه ذلك الإنسان الذي يتصرف داخل المجتمع و بفضله ، وفي مصلحة كل أفراده ، و كرامة الكائن البشري التي تعتبر ركيزة لكل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ، و تلتزم الدولة ليس فقط بالإعتراف بالحقوق التقليدية للفرد بل تلزمها كذلك التدخل للحد من الظلم الاجتماعي ، وفي المقابل حين يرى الفرد أن حقوقه مكفولة من قبل المجتمع ، فهو لا يتصور أن يمارس هذه الحقوق ضد المجتمع . ولا يعني هذا كله عدم الاعتراف بحقوق معينة للأشخاص الذين ينتمون إلى الجماعات الخاصة كالأقليات ، ولكن هذه الحقوق يجب أن يكون الغرض منها الحفاظ علة كرامة الإنسان و ليس تعزيز خصوصيات هذه الجماعة في مواجهة الجماعات الأخرى …
ويتجلى كذلك أن حامي حقوق الإنسان في هذا القرن ، كما كان في سنة 1789 م الذي شهد إعلان حقوق الإنسان و المواطن في فرنسا هو الدولة و إصلاح الدولة لا يزال موضوعا معاصرا ، و ستستمر الدعوة خاصة من طرف المفكرين و العلماء إلى إصلاح الدولة مستقبلا ، ولا يزال هناك عدد من الدول التي لا تحترم الحقوق الأساسية للكائن البشري ، فنحن نجد كل يوم انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في أسيا و إفريقيا و أمريكا اللاتينية و بدرجة أقل في الدول الأوروبية و أمريكا الشمالية و ” العيش بحرية ” حتى في الديمقراطيات التي تقوم على التعدديات ، وهذا ليس حقيقة ثابتة و مكتسبة بشكل نهائي لا رجعة فيه، بل هو مكتسب يجب الدفاع عنه بشكل مستمر و متواصل ، و الدليل على هذا من أننا نرى اليوم نزوعا أكبر من قبل السلطة التنفيذية إلى الإستئثار بجميع السلطات . و البرلمان قد يختفي في كثير من الدول و يتضاءل دوره في وظيفته التشريعية ، و في عملية الرقابة على السلطة التنفيذية وهو حتى حين يتدخل ، فإن آلية الأغلبية تجعل منه في عدد من الأحيان مجرد أداة للسلطة التنفيذية . و تزيد التقنيات الحديثة من إمكانات القمع ولا تتناول الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ، باستثناء الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان ،الشرائط التي يتعين استيفاؤها في السلطة ، حتى تكون قادرة على كفالة احترام حقوق الإنسان ، و تكتفي بالإشارة بشكل عابر( إلى المجتمع الديمقراطي) ، وبدون شك في أن الديمقراطية التعددية تشكل الأساس اللازم لاحترام حقوق الإنسان .و ينبغي من الآن فصاعدا أن تركز الصكوك الدولية لحقوق الإنسان على هذا نوع من الديمقراطية ، وخاصة بعد انهيار الديمقراطيات الشعبية في أوروبا الشرقية و حتى الدول النامية التي كانت النخب الحاكمة فيها تقول بتعذر الديمقراطية بدون التنمية ، نراها الآن تقلب المعادلة بعد أن جربت عبثا الوصول إلى التنمية من دون ديمقراطية .و الإتجاه أينما كان هو( الكفاح ضد التخلف و الفقر لا يمكن أن يكون فعالا بدون ديمقراطية المجتمع و من دون مشاركة أفراد هذا المجتمع في الحياة السياسية ، ولا شك الآن في أن الديمقراطية تسير في خط مواز للتنمية ، أما وجهة النظر المغايرة، فهي ليست سوى مجرد ذريعة لإفلات الحكام من الرقابة الشعبية ، مع ما يعنيه ذلك من شمولية وحكم فردي .
و إذا كانت الديمقراطية التعددية شرطا لازما لإقرار حقوق الإنسان ، فإنها ليست شرطا كافيا لهذه الغاية ، وبالإضافة إلى سيادة دولة القانون بمكوناتها المعروفة ، فإن من المفيد لإنعاش الديمقراطية التي أصبحت تعاني حتى في الديمقراطيات الغربية إذ نص في الصكوك الدولية لحقوق الإنسان على مبدأين جديدين و يكمل أحدهما الأخر : مبدأ الشفافية و مبدأ المشاركة .وهذا يعني إقرار الحق في الإستعلام الذي يؤذي بدوره إلى الحوار و إلى مشاركة المواطنين في القرارات التي تعنيهم و إلى اتخاد قرارات مقبولة )و غير مفروضة عليهم .
و إذا لم يكن بد لحقوق الإنسان من أن تحمى من الدولة .
و إذا كان من المقبول أن توضع بعض القيود على الدولة لهذه الغاية ، فليس المقصود إضعاف الدولة ، فهذا هو أخطر ما يمكن أن يقع بالنسبة إلى حقوق الإنسان. لأن دولة بوصفها سلطة منظمة ضرورية لضمان النظام العام الذي لا غنى عنه لازدهار حقوق الإنسان ، و هي ضرورية لأنها الوحيدة القادرة على مناهظة التصرفات المنافية لحقوق الإنسان و التي تضع قواعد لهذه الغاية و تشرف على الامتثال الفعلي لها .و الحرص على الإبقاء على سلطة الدولة ينجم عنه حقها بل واجبها في الدفاع عن نفسها ، ومن هنا تجيء أهمية البنود الوقائية أو الحمائية التي تسمح للدولة بالخروج على حقوق الإنسان في أحول معينة و بشروط معينة ، ولكن مع استثناء الحقوق التي تشكل النواة الصلبة التي لا تقبل الخروج عليها حتى في حالة الحرب ( لا قدر الله ) أو المخاطر العامة التي تهدد حياة الأمة ، وهذه الرخصة التي يجب أن تتمتع بها الدولة لابد من أن تكون محل مراقبة من قبل قضاء دولي سواء لدى إقرارها أو في أتناء تطبيقها ، و ذلك على نحو ما أقرته الإتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان و الحريات الأساسية .
وفي هذا الإطار أشير فقط بهذه المناسبة و أندد بالإهمال و اللامبالات الذي لحق ملفات عديدة للمناضلين و غيرهم من ضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الذين تعرضوا للتعذيب الجهنمي و المبرح و الظلم و خاصة لي بالتعذيب الكبير بالكهرباء في رأسي و جبهتي الذي ترك لي ضررا فادحا في نفسي و جسمي ، حيث لازلت أعاني من هذا الدواء لأزيد من 50 سنة و التسويفات التي تعرضنا لها من طرف بعض المسؤولين رغم الإحتجاجات و الاعتصامات المتعددة لعشرات السنين أمام المجلس الوطني لحقوق الإنسان و البرلمان و الباشويات و غيرهم ، وهذا تسبب لنا في أضرار جسيمة عديدة و نفسية لازال يعاني منها الجميع دون رحمة أو شفقة ، بل كذلك حقوقي في الترقية الإدارية القانونية و الأكيدة بالدليل الملموس لازالوا يماطلون لي فيها مع جبر الأضرار التي لا تعوض بأي ثمن لم أتمكن منها مع غيري من ضحايا الإنتهاكات الجسيمة العديدة لنا جميعا …
وفي عهد جلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره و حفظه بالذكر الحكيم، قد توصلت المملكة المغربية من الإتحاد الأوروبي و الأمم المتحدة -الذي ألتمس منهما أن يطالبوا المغرب بأن يمنحنا حقوقنا كاملة و جبر أضرارنا تامة- لأنهم عملوا على دعم المغرب الحبيب ب 200 مليار درهم تقريبا أو أكثر بما يسمى بالديمقراطية و حقوق الإنسان في إطار العدالة الإنتقالية لتكون المصالحة الوطنية و الإستقرار لخلق ظروف الاستثمار للدول الغربية و لتنمية الجهات المتضررة – وهكذا نجد مدينة القصر الكبير العتيدة و المجيدة منذ استقلال المغرب و إلى الآن – ربما مغضوب عليها – إذ لا زالت متضررة و لم يعف عنها ولو لتصبح فيها منطقة صناعية هامة و عمالة لقربها من ميناء طنجة و غير ذلك ، وهي كانت مفتاح الوطنيين بين الشمال و الجنوب المغربي عامة و لا زالت مهمشة و شبابها و شاباتها و غيرهم من سكان هذه المدينة الغيورة متطلعين دائما إلى العلياء بشواهدهم و تكويناتهم العلمية و الأدبية و القانونية و غيرها من المدن المهمشة و المنسية بوطننا الغالي الذي نتمنى لكل هذه المدن الإلتفافة المولوية السامية بعد ارتفاع جائحة( كوفيذ) كورونا قريبا بحول الله و قدرته العلياء .
هذا وقد كانت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان المناضلة الفدة و الغيورة السيدة : أمينة بوعياش في بداية هذه السنة أخبرت بأنه سيتم الإفراج عن مطالب الضحايا الأنفين الذكر المعتقلين السياسيين السابقين في سنوات الرصاص و الجمر المتقد دون جدوى تذكر رغم الإنتظارات و الإنتظارات و الإعتصامات و التسويفات و الاحتجاجات العديدة منذ سنوات و سنوات عديدة دون جدوى تذكر .
هل الإمكانيات المادية المخولة عليهم و التي بعتثهم من أجلهم المؤسسات الدولية توجهت لجهات أخرى لذلك تعطل تنفيذها لهم لأحقيتهم بها أم ماذا يا ترى ؟! بدل جبر أضرارهم العديدة القاسية و المستفحلة و المعنوية و المادية لهم و الإدماج الإجتماعي ، و التعجيل الفوري بالتسوية المادية و الإدارية لهم و منحم كافة حقوقهم المهظومة و الإعتذار المعنوي لهم من طرف الدولة المغربية أو من يمثلها . وفي هذه المقالة و الدراسة عن حقوق الإنسان الأكيدة ….إلخ …نلتمس و نحث كل الجمعيات الحقوقية الوطنية و الدولية و خاصة المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة و منظمة العفو الدولية المركزية بالمملكة البريطانية و فرع المغرب لهاته الجمعية الكائن بالرباط – المغرب -و على رأسه المناضل الكبير و الحقوقي الجليل و المبرز الأستاذ الوفي السيد : محمد السكتاوي و الإتحاد الأوروبي الذي تجمعه روابط متينة بالمغرب و مناضليه و غيرهم من المسؤولين ببلدنا المغوار على تبني ملفنا من جديد و الدفاع عن حقوقنا جميعا نحن الضحايا الأنفين الذكر و كل ضحايا الإعتقال و التعذيب الجهنمي و الظلم الذي لا حدود له و كذلك نناشد
كل القوى الحية و كل المؤمنين بحقوق الإنسان مساندتنا و مؤازرتنا في معركتنا كثيرا التي طال أمدها و استفحل أثرها النفسي و المعنوي علينا …

القصر الكبير في 23 / 09/ 2021
بقلم : عبدالقادر أحمد بن قدور

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading