ماء الحياة “الماحيا”. ماحيا فاسد، ماحيا ماشي فاسد

29 سبتمبر 2022

د . مالك الطود

الماحيا شراب مسكر مشهور عالميا، اشتهر بين اليهود المغاربة، و استعمله كذلك المغاربة المسلمون بادئ الأمر كمضاد للسعال و لعلاج البواسير، و بعد ذلك كمادة مخمرة.
في المغرب انتشر من المناطق الجبلية و من الواحات حيث يتواجد التمر و التين من جهة و الهشاشة و الفقر من جهة أخرى، ليسود كافة أنحاء البلاد فيما بعد.
يصنع الماحيا بطرق تقليدية بدائية، و يفضل الصانع “الكراب” أن يكون في مكان ذي رطوبة عالية، بعيدا عن أنظار السكان و السلطات، فيتم ذلك في أماكن متسخة كالإسطبلات و الأقبية و الدور المهجورة….و في أواني عفنة لا تنظف بتاتا.
يصنع “الماحيا” من التين أو التمر الرديء الجودة، و الذي لا يقبل عليه الناس في الأسواق، و يتم تخميره في مكان رطب لمدة لا تقل عن أربعين يوما، و أحيانا تضاف خميرة العجين لتسريع عملية التخمير.
تخلط 8 كيلوغرامات من التين المجفف المخمر مع كيلوغرام واحد من السكر في 4 لترات من الماء، و يضاف عليه كأس من اليانسون، و يوضع الخليط في أواني حديدية مثل طنجرة الضغط، التي توصل فتحتها بأنبوب معدني طويل، يمر عبر إناء بارد لضمان عملية التكثيف و التقطير.
و بعد ذلك يتم توزيعها، بيعها و تصديرها لمدن و قرى بعيدة.
ثمن المنتوج يحدد حسب العرض و الطلب و حسب جودة المنتوج المرتبطة بدرجة التخمر و نسبة الكحول في السائل. و يتراوح الثمن بين 400 درهم للقنينة الأصيلة ذات الجودة العالية من الصانع اليهودي البارع، و 20 درهما التي لا جودة لها.
و بما أن العرض أكثر من الطلب، يطمع الكرابة في الربح السريع، فيلجأون إلى الغش في جميع مراحل التصنيع ابتداء من مدة التخمير، و نظافة الأواني و جودة التين أو التمر…..بل يلجأون لأجل رفع درجة التخمر و الكحول بإضافة الكحول و مواد سامة.
بعض أوجه الغش في صناعة الماحيا، هو إضافة البول و الأظافر، و إضافة شفرات الحلاقة مع التين كي يحرر الخليط كميات عالية من الكحول. و يضيفون كذلك مواد التعقيم و مواد تخليط الصباغة مثل “الدوليو” و “الوايت سريريت”، و لا يترددون في إضافة الأقراص المهلوسة لضمان وفاء الزبناء.
قديما كان اليهود يوزعون الماحيا يوزع بالربع لتر “الرويبعات” و يشربونه في كؤوس صغيرة مثل كؤوس “البراندي”، و لا يخلط مع أي مشروب آخر، و ذلك احتياطا لوقوع تسممات قد تؤدي إلى الوفاة.
أما اليوم فتباع بالليترات و تشرب مباشرة من القنينات، و تخلط بجميع المخدرات السائلة و الصلبة.
هذه النظرة الخاطفة على الماحيا، تؤكد أن هذا الشراب مضر بالفرد و بالمجتمع، و هو إرث سام نخر المجتمع و لازال ينخره في مدنه و في قراه، و يقتل صغاره و كباره، و الكلام عن شراب ماحيا فاسد أو ضاعت صلاحيته، إنما هو در للرماد في العيون، لأنه في الأصل فاسد مضر مخمر مسكر باطل، حرام و غير قانوني، و يجب تجفيف منابعه و منابع جميع المخدرات التي ترمي بمجتمعنا كل ساعة و كل لحظة إلى الهاوية.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading