ذهب مع الريح (1).

27 مايو 2022

ذ : إدريس حيدر

وبينما انا في المحكمة أتولى القيام بالإجراءات ، رمقت صديق طفولتي ” مصطفىالطائر ” مصفد اليدين ، يرافقه شرطيان، كانا يتوجهان به صوب الحافلة التي تقل المعتقلين في اتجاه السجن المدني.
لاحظتُ أنه تفادى رؤيتي و ادركت انه كان يتحاشى أن يعرف مقربوه فحوى قضيته لذلك كان يتبرم منهم.
” مصطفى الطائر ” كبر و تربى في حي شعبي ، كان وسيما منذ أن كان طفلا ، تقاسيم وجهه متناسقة ، مبسمه جذاب، و شعر رأسه كثيف و غزير و متراص بعناية و كأنه زُرِعَ بعملية جراحية .
كانت أمهات الحي تتداولن همسا بينهن أحاديث عنه ، تسربت لأبنائهن و انتشرت مفادها أنه مجهول الأبوين، و أن أمه الحقيقية و البيولوجية وضعته في المستشفى و اختفت . و أن إحدى المنظفات به و كانت عاقرا تكفلت به .
كانت السيدة ” منانة ” هي من تولت تربيته ، و يشهد الجيران، انها اهتمت به و اولته عناية خاصة و فائقة، بحيث لم تبخل عليه معنويا فأحبته حبا جما ، و ماديا حيث كانت تختار له الملابس الغالية الثمن و تشتري له الأدوات المدرسية الرفيعة ‘: المحافظ الجلدية الجيدة …الخ ، و لا تبخل عليه بحاجة احبها او اختارها ، و بالتالي كان مظهره يوحي و كأنه ابن أسرة ميسورة .
و مع ذلك لم يكن الطفل مركزا في دراسته ، و كان في بعض الأحيان يُصاب بنوبات عصبية من دون سبب أو مبرر بحيث كان يعتدي على بعض أصدقائه بل و يهدد ابويه بأوخم العواقب .
كان يشعر بعدم الارتياح معهما و كأن شيئا ما ينقصه بالرغم من الحياة الهنية و الرغيدة التي كان يعيشها.
كَبُرَ بعض الشيء و بدت عليه مظاهر المراهقة ، فازداد جاذبية و وسامة ، و اصبحت الفتيات في مثل سنه تعشقنه، و وقع إقبال كبير عليه من طرفهن.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading