ذ:: إدريس حيدر
أقامت له بعض الجهات في الدولة جنازة عادية ، حيث غاب عنها كل معارفه و مرؤوسيه بل و حتى المشيعين لم يكونوا كُثراً ، و هو الذي كان الآمر الناهي ، و عُدَّ من بين أهم الشخصيات المقررة في البلاد ، يصول و يجول و يساهم في اتخاذ القرارات الكبرى المتعلقة بتسيير البلاد.
مر بعض الزمان على حادث انتحار” الرجل المهم ” ، و فوجئت ” ملاك ” بمفوض قضائي يطرق باب منزلها و يسلمها إنذارا صادرا عن الإدارة التي كان يعمل بها زوجها الهالك ، يتعلق مضمونه بإشعارها بضرورة الإفراغ من المنزل باعتباره سكنا وظيفيا.
كانت ” ملاك ” تلك المرأة الفاتنة و الفائقة الجمال ، المتعالية المتكبرة و ” المتطاوسة ” ، قد ذبلت و امتقع و اصفر لون وجهها و بدا شاحبا ، كما أنها لم تعد تهتم بنفسها و مظهرها و بالتالي أصبحت و كأنها بُعِثَت من القبر.
كانت تعيش أوقاتا صعبة ، موت زوجها زلزل كيانها لأنه توجها أميرة فؤاده و تعامل معها معاملة خاصة ، ملؤها الحب و التقدير .
قرار إفراغها من المنزل الذي هو عبارة عن قصر صغير ، فيه هنأت و استقبلت نساء من علية القوم و أقامت صداقات رفيعة ، زادها ألما و معاناة .
من جهة أخرى فقد حاولت إعادة علاقاتها مع أسرتها إلا أن هذه الأخيرة رفضت رفضا كليا و مطلقا تلك المحاولة ، اعتبارا إلى أن ” ملاك” كانت ايام عزها قد تناستها .
أُرْغِمت على الإفراغ ، و اكترت بيتا صغيرا لا يليق بمقامها.
انتظرت طويلا تحويلها راتب زوجها للتقاعد ، حيث كان قد أُحِيل عليه لكن و كأنها كانت تنتظر الذي يأتي و لا يأتي.
ظلت في المنزل المستأجر وحيدة ، لا دخل لها و لا مال و دون أهل أو معارف أو جيران .
و لم تعد قادرة على العيش بشكل عادي ، حيث كانت محل مراقبة و تنمر و استهزاء.
أنتابها الخوف و الرعب على المصير الذي ينتظرها و بالتالي انزوت وحيدة في منزلها الصغير الذي اكترته ، تهذي و تهمهم بشكل غير منقطع.
و ذات يوم ، فتش عنها الجيران بعد أن انقطعت أخبارها ، فلم يعثروا عليها ، و بلغ إلى علمهم إنها تاهت إلى وجهة غير معلومة.
انتهى/…
تشكيل : إدريس حيدر.