ذة : حنان قدامة
حارقة هي تلك الدّموع التي سفحتها عيون أولياء،مارقة هي تلك الطّلقات التي سفكت دماء أبرياء في عاصمة الغرب الأمريكي ـــ ولاية رعاة البقرـ:”تكساس” . . .
لم يكن الجاني هنديا أحمر كما دأبت هوليود على تكريسه في أفلامها ،ولم يكن صانع الحدث الكاوبوي “كلينت إيستود” وإنما مراهق تعرض لتنمّر قاس من طرف زملائه ومعارفه الذين كانوا يتنمّرون عليه بسبب أصوله المكسيكية،تنمّر فرض عليه انسحابا اجتماعيا ودفعه إلى تلطيخ المؤسسة المدرسية بالدم ليتحول محراب العلم إلى مذبح لطفولة لم تينع بعد زهراتها .
في ضوء هذا الحدث المفجع ،ينتصب أمام المتأمّل الخطر الذي تشكّله ظاهرة التّنمّر التي بدأت تغزو المدرسة المغربية وأضحت نارها الملتهبة تلسع نفسية بعض التلاميذ الذين يتعرضون لتنمر لفظي وجسدي وحتى إلكتروني .
فكم طعنت ظاهرة التنمّر مستقبل الكثير من المتعلّمين الذين انقطعوا عن الدراسة تفاديا للألم النفسي الذي يسبّبه تنّمر الأقران ،وكم عصفت بتوازنهم النفسي الذي يختبئ اضطرابه في سلوك العنف والعدوانية، فأصبحوا متنمّرين بعد أن كانوا هم ضحاياه .
إن المدرّسين هم أكثر من يعي خطورة ظاهرة التنمّر ويلمس تفشّيها في المدرسة المغربية، ففعل التنمر يعاني منه الكثير من المتعلمين : الوافدون الجدد على المؤسسة ـــ المنحدر ون من البادية ــ ذ وو الحاجات الخاصة وصعوبات التعلم .والغريب في الأمر أن المتعلمين المتفوقين والملتزمين أخلاقيا لم يسلموا هم أيضا من ناره ، فلطالما تطرق أسماعهم كلمات التحقير والازدراء وما كلمة “كلميني” “عنا ببعيدة .
إن ظاهرة التنمر تقرع أجراس الخطر وعكس رواية “إرنست همنغواي” الشهيرة “لمن تقرع الأجراس” نحن نعرف الإجابة فهي تقرع للآباء والمربين والمدرّسين الذين عليهم كل من موقعه تعزيزالتقديرالذاتي لناشئتنا، تعزيز ثقتها بالنفس ، التدريب على فن التجاهل وضرورة الإنصات والتواصل الشفيق مع المتنمرين الذين بنهجهم التنمر يعلنون من حيث لا يدرون هشاشتهم النفسية .
آمل أن تسمع الأجراس بعد قرعها ، ويا حبذا بعد القرع تغلق المدرسة المغربية أبوابها في وجه التنمّر .