الطفلة التي كنتها أحلام الطفولة أمال الخلطي

18 مايو 2022

أعدتها : أمينة بنونة
تحملني هذي المرحلة إلى زمن جميل لا يمكن مقارنة حلاوته بما هو في الحاضر جمال اللحظات بحلوها ومرها اكتسبت أحاسيس ومشاعر صادقة من عبق قداسة ذلك الماضي… كانت الطفلة التي لازالت تسكن بداخلي تعشق الأغاني الكلاسيكية والتي كنت قد سمعتها لأول مرة في راديو إذاعة طنجة الجهوية…حيث كان بمنزلنا راديو كبير نحترم صوته وكأنه فرد من عائلتنا… والجميل هو أن دكان الحي كان دائما على موعد مع نفس الإتجاه راديو طنجة فيمكنني متابعة ما بدأته في المنزل أثناء خروجي لشراء ما قد تطلبه مني والدتي… يبدأ الإرسال ببرامج الصباح ثم ينقطع ليربط الاتصال براديو الرباط الإذاعة الوطنية. لإذاعة نشرة الأخبار…ثم الطرب الأندلسي بعد الزوال… لم أزل أتذكر برنامج كيف نقرأ القرآن كان يعده الراحل عبد الحميد حساين ومسلسلات صوتية سيف دو اليزن وغيرها كنت من المحظوظين الذين حضروا قيمة ما هو سمعي يصل القلوب فكنت أعود من المدرسة صباحا لأنصت لصوت ليلى غفران وهي تغني “اليوم الأول أش نقول” والمرحومة ماجدة عبد الوهاب “حتى فات الفوت” والمطرب عبد الهادي بالخياط “يا بنت الناس أنا فقير” …
رغم وجود التلفاز كان للراديو سحر خاص فلابد أن تجد في ركن من كل منزل قصري راديو يزينه غطاء مطرز بالطرز الفاسي أو الرباطي… ذكريات كانت ولاتزال تشدني لتلك اللحظة التي سألت فيها أمي عن أغنية لطيفة رأفت “خيي” لم يتجاوز سني أنذاك الثامنة أو التاسعة فكنت أتعاطف معها بإحساس بريء وهي تقول عافاك يا خيي خيي… مرت السنوات وحين فقدت أخي بقدر الموت الذي هو حتمي على الجميع أدركت جمال الأغنية أكثر وحين أتذكر الطفلة التي كنتها تستيقظ بداخلي كل مشاعر هذه الطفلة التي مازالت بداخلي تهتف للذكريات التي لم ولن تنسى…. نعم الطفلة التي بداخلي والطفولة التي لا تغادرنا مهما كبرنا هي ذلك النور الجميل الذي يجعلنا نصبو دوما نحو التعلق بالآمال رغم استحالتها… ربما لو خيرنا بين الكبر والبقاء أطفالا لإخترنا الطفولة في تلك الأسطورة الجميلة التي تعيش معنا ونحن نشيخ في الزمن حتى أن أمثالنا الشعبية تؤكد ذلك ولو بمعناها السلبي فيقال “أولنا عيال وأخرنا العيال” وأقول أنا الطفلة التي كنتها هي قصيدتي التي أرثي فيها الذكريات وأبكي عليها كلما مرت سنة تلو الأخرى لأعترف على مضض أنني لا زلت طفلة في داخلي رغم مرور العمر… فالحياة رغم معاركها تعيدني لشعوري أنني ولدت لأحيا طفلة… ولو عجوزا فوق الستين ستظل أحلام الطفولة تراودني….

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading