امينة بنونة :
ولد الشاعر مصطفى الشريف الطريبق بمدينة القصر الكبير سنة 1944، التحق في طفولته بكتاب الفقيه الجباري، حيث قضى بضع سنوات في حفظ القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة المرحوم الخباز الحرة، ليلتحق بعد ذلك بالمدرسة الأهلية الحسنية.
وقد ظهرت علامة تفوق مستواه، حين حصل أن أقامت هذه المدرسة حفلا بمناسبة عيد العرش المجيد، ونظرا لما كان يتمتع به مصطفى الطريبق من جد ونشاط، لذلك اختير لإلقاء كلمة باسم التلاميذ، فألقى الكلمة بفصاحة أثارت الانتباه اليه والاهتمام بأمره، وكان يومها في مستوى الثانية ابتدائي، فاقترح ضمن التلاميذ الذين سيجرون امتحان الالتحاق بالثانوي، وفعلا نجح والتحق بالثانوي العصري. وفي علاقة بدراسته ووفائه لمعلميه وأساتذته، يقول الأستاذ أبو الخير الناصري:
((ويعترف الأستاذ مصطفى بفضل أساتذته عليه في أطوار التكوين قائلا: «كنت في سنوات تعليمي متأثرا ببعض الأساتذة في طليعتهم شقيقي عبد السلام الذي كان أديبا لامعا وكاتبا ساطعا، وكذلك كنت متأثرا بالأستاذ عبد القادر واية، والأستاذ أحمد السوسي المرتجي، والأستاذ الحاج عبد السلام الجباري«.)) (عن موقع مشاعل القصر الكبير)
نال الشهادة الثانوية، فعين معلما في التعليم الأصيل في المدرسة التي كانت تابعة لهذا النظام من التعليم، وفي ظروف غامضة انفصلت هذه المدرسة عن التعليم الأصيل، وأصبحت تابعة للتعليم العصري، وحملت اسم مدرسة التوحيد. وخلال عمله بهذه المدرسة اجتاز امتحان الدخول إلى المركز التربوي الجهوي في مدينة القنيطرة بنجاح، حيث درس على أستاذ قصري ليس هو سوى الدكتور مصطفى يعلى. وبعد سنتين من الدراسة والتدريب التربوي، تخرج أستاذا، ثم عين حارسا عاما، فمديرا لإعدادية علال بن عبد الله، وبعدها إعدادية أبي المحاسن.
ومعروف أنه كان قد انخرط منذ نعومة أظافره في حزب الإستقلال، كما كان شابا طافحا بالحيوية والنشاط، حينما التحق عضوا عاملا وفاعلا في الشبيبة الإستقلالية، وقد نشط أيضا في صفوف الاتحاد العام للشغالين، بل إنه قد انتخب كاتبا عاما له، ثم اختير مراسلا لجريدة العلم سنوات عديدة، وعرف بقلم سيال ونشاط كبير. وهو اليوم من شعراء وكتاب مدينة القصر الكبير، ومن أبرز شعراء الإقليم.
ولقد حصل مصطفى الطريبق على دبلوم اللغة العربية، من المركز التربوي الجهويبالقنيطرة، وهو ايضا كاتب عام لجمعية البحث التاريخي والاجتماعي بمدينة القصر الكبير، التي تأسست سنة 1988، وأصدرت أكثر من 40 كتابا.
والأستاذ مصطفى الطريبق شاعر وكاتب واديب، ومؤلف له كتب متعددة، منها “استرجاع مدينة العرائش على يد المولى اسماعيل بعد ما دام احتلالها تمانين سنة” ، وكتاب “راعي الفضائل “، كما له دواوين شعرية، منها ” سنابل وأعاصير” و” إعدام البراءة حول فلسطين ” وثالثها “ترانيم السجى ” وله في الطريق مسرحية القصر الأيامر ومعركة وادي المخازن، وله في الطريق أيضا :
*صفحات مشرقة من نضال الحركة الوطنية بالشمال
*التعليم الحر حجر الزواية في بناء المغرب
*المقص القاطع للخطا الشايع
* اولياء ووليات القصر الكبير والمساجد العتيقة
يقول عنه الأستاذ محمد العربي العسري
((… ما يقلق باله هو ما يراه “من تراجع الشعر، لأنه حلبته خلت من فرسانها الكبار الذين طالهم التنكر وأبعدت أسماؤهم وأهملت، ليعطي الاهتمام لأسماء معينة مع دعوة بعض النقاد الذين هم تحت الطلب ليتناولوا تجربتهم بكل ثناء وإطراء، مع العلم أنها تجربة لا زالت في الرحم لم تكتمل بعد .((عن أقلام وأعلام من القصر الكبير في العصر الحديث (ص)215.))
كما قال عنه المرحوم الاستاذ بوسلهام المحمدي
((… والاستاذ مصطفى ناشط جمعوي وثقافي معروف، فقد شارك في عدة جمعيات منها :
ـ فرقة أشبال المدرسية الأهلية الحسنية، وقد مثلت مسرحيات أبناء الشوارع على خشبة مسر ح أسطوريا.
ـ فرقة وادي المخازن للتمثيل المسرحي التابعة للشبيبة والرياضة في الستينات.
ـ جمعبة خدمة الثقافة التابعة للشبيبة والرياضة في الستينات ايضا، وقد أصدرت هذه الجمعية مجلة شهرية بعنوان من هنا وهناك، كان يكتب فيها الشاعر، وزملاؤه كحسن الطريبق وبوسلهام المحمدي وعمر الديوري.
وهو عضو مؤسس لجمعية البحث التاريخي والاجتماعي بالقصر الكبير.))
(عن كتابه أدباء ومفكرون القصر الكبير المعاصرون بحث وتراجم (ص)137
ثم يضيف الأستاذ بوسلهام المحمدي: ((وعلى كل فالأستاذ مصطفى الطريبق اديب ذو قلم سيال وله إنتاج متنوع في المجالين الثقافي والأدبي، فهو ينظم الشعر العمودي ويكتب المقال الأدبي، ويحرر المراسلة الصحفية كما يسهم في الندوات ويلقي المحاضرات وقد ظفر كشاعر بعدة جوائز في مسابقات أدبية أجريت بمناسبات وطنية في عدة مدن كالدار البيضاء والقصر الكبير.)) (ص.138)
ولا يسعنا تجاه إصابة الكاتب والمبدع مصطفى الطريبق مؤخرا بمرض، سوى الدعاء له بالشفاء العاجل: اللهم اشفه شفاءً ليس بعده سقم أبدًا، اللهم خذ بيده، اللهمّ احرسه بعينك التي لا تنام، اللهم ألبسه الصحة والعافية عاجلًا غير آجل، يا أرحم الراحمين.