ذ . إدريس حيدر
مر بعض الزمان على وفاته ،و اعتاد سكان القرية على قضاء لياليهم من دون الاستمتاع بالموسيقى ، و عند مسامراتهم ،كانوا يتذكرون ” عمي علي ” و موسيقاه بحسرة كبيرة .
و في إحدى الليالي الربيعية ،علا صوت الموسيقى ثانية ،من أعالي الجبل و تردد صداه في كل الأرجاء.
كانت شبيهة بتلك التي كان يعزفها الكائن الغريب و من بعده ” عمي علي ” و كانت هي الأخرى رائعة و شجية .
احتار سكان القرية في الأمر، و تساءلوا : من يكون العازف هذه المرة ؟
لكنهم استطابوا تلك الوضعية و استمتعوا بتلك الأنغام الممتعة .
كان صدى الموسيقى يقترب الدوار، و كأن العازف يتجه قدما نحوه ،قادما من أعلى الجبل .
تحلق الناس في مقدمة القرية من أجل اكتشاف العازف الذي يقترب .
بدا شبح صغير وسط الظلام ، و كان يتحرك ، و كلما دنا إلا و ارتفع صوت الموسيقى و تردد صداه في سكون الليل.
و حين اقترب ،تفاجأ كل المنتظرين و المترقبين ، عند اكتشاف العازف الجديد .
كان طفلا/ ماعزا ،يشبه الكائن الغريب ،فيما حركاته ،تذكر ب” خدوج السحارة ” .
كان جديا في مشيته ،معتزا بنفسه .
مرَّ أمام الجميع و لم يهتم بأحد ،طاف بدروب القرية ، التف الناس حوله و انطلقت الاحتفالات التي كانت تُقامُ مرة في السنة .
ظل الطفل / الماعز طيلة السهرة يُشنف اسماع سكان القرية بموسيقاه الجميلة ،فيما هم قضووا ليلتهم يرقصون و يغنون ، و عند مطلع الشمس رجع إلى الجبل.
عادت ساكنة القرية ثانية إلى الاستمتاع بروعة الأنغام ،التي أصبح يعزفها الضيف الجديد : الطفل / الماعز .
انتهى.
* هذه الأقصوصة مستوحاة من الموروث الشعبي
و من الحكاية الشفوية لمنطقة ” جبالة ” خاصة ،
و المتعلق ب ” باجلود ”
أو ” بوجلود” .
تشكيل : إدريس حيدر.