ذهب مع الريح ( 3)

11 يونيو 2022

ذ . إدريس حيدر

و دون إعلان مسبق لم يعد شرطيا بل طالبا جامعيا بعد التحاقه بكلية الآداب – شعبة الفلسفة – التي كانت تحوي خيرة الطلبة تحصيلا ، فهما و نضالا ، كما أنه انخرط بشكل سريع في النضالات الطلابية و خاصة النقابية منها ، بل و أصبح عضوا في أجهزتها التقريرية.
شنت في وقت ما حملة اعتقالات واسعة في أوساط الطلبة الذين كانوا يقودون المعارك النقابية و السياسية داخل الحرم الجامعي ، و كان أغلبهم يواجه من طرف المُسْتَنْطِقِين بمضمون نقاشاتهم السرية ، و لم يكونوا يعلمون من الواشي ، كما أن لا أحد كان يشك فيه .
من جهة أخرى فإن نجاحه في الامتحانات كان يثير كثيرا من الشكوك ، خاصة و أن مستواه كان ضعيفا جدا .
و بعد حصوله على الإجازة ، عُين في إحدى الثانويات بمدينة ” الدار البيضاء ” أستاذا لمادة الفلسفة .
و في إحدى السنوات شهدت المؤسسات التعليمية في البلاد إضرابات تلاميذية كبيرة ، أصبحت تنذر بقرب اتخاد الجهات المسؤولة لقرارات تصعيدية و صارمة لإيقافها.
و هكذا انطلقت موجة اعتقالات شملت كثيرا من التلاميذ .
و من مكر الصدف أن أب أحد التلاميذ المعتقلين ، كان يعمل في أجهزة الاستخبارات ، و علم عن طريق التقارير أن ابنه كان من قادة الإضرابات التلاميذية .
كان إيقاف و اعتقال التلاميذ ، يدخل في إطار الإجراءات الاحترازية و كذلك بهدف تخويف التلاميذ و آباءهم من أجل ثنيهم على المشاركة في الإضرابات.
تأثر الاب كثيرا لاعتقال ابنه و كذا لانعكاس ذلك على مستقبله بشكل سلبي . فقرر إجراء بحث من بعيد لمعرفة الواشي.
و كانت الحقيقة صادمة و موجعة ، إنه استاذ الفلسفة ” مصطفى الطائر ” الذي أبلغ به و بالتالي فهو عميل في المخابرات .
و عند الإفراج عن الابن ، و في إطار توبيخه من طرف أبيه الشرطي أبلغه أن أستاذه في الفلسفة هو من أبلغ به و بباقي التلاميذ.
لم يحافظ الابن عن ذاك السر و أفشى به لكل زملائه التلاميذ.
و في إحدى الليالي سُمِعَ الصراخ و الاستغاثة من بيت : ” مصطفى الطائر ” ، لقد شب حريق مهول في منزله.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading