ذ . إدريس حيدر
و دون إعلان مسبق لم يعد شرطيا بل طالبا جامعيا بعد التحاقه بكلية الآداب – شعبة الفلسفة – التي كانت تحوي خيرة الطلبة تحصيلا ، فهما و نضالا ، كما أنه انخرط بشكل سريع في النضالات الطلابية و خاصة النقابية منها ، بل و أصبح عضوا في أجهزتها التقريرية.
شنت في وقت ما حملة اعتقالات واسعة في أوساط الطلبة الذين كانوا يقودون المعارك النقابية و السياسية داخل الحرم الجامعي ، و كان أغلبهم يواجه من طرف المُسْتَنْطِقِين بمضمون نقاشاتهم السرية ، و لم يكونوا يعلمون من الواشي ، كما أن لا أحد كان يشك فيه .
من جهة أخرى فإن نجاحه في الامتحانات كان يثير كثيرا من الشكوك ، خاصة و أن مستواه كان ضعيفا جدا .
و بعد حصوله على الإجازة ، عُين في إحدى الثانويات بمدينة ” الدار البيضاء ” أستاذا لمادة الفلسفة .
و في إحدى السنوات شهدت المؤسسات التعليمية في البلاد إضرابات تلاميذية كبيرة ، أصبحت تنذر بقرب اتخاد الجهات المسؤولة لقرارات تصعيدية و صارمة لإيقافها.
و هكذا انطلقت موجة اعتقالات شملت كثيرا من التلاميذ .
و من مكر الصدف أن أب أحد التلاميذ المعتقلين ، كان يعمل في أجهزة الاستخبارات ، و علم عن طريق التقارير أن ابنه كان من قادة الإضرابات التلاميذية .
كان إيقاف و اعتقال التلاميذ ، يدخل في إطار الإجراءات الاحترازية و كذلك بهدف تخويف التلاميذ و آباءهم من أجل ثنيهم على المشاركة في الإضرابات.
تأثر الاب كثيرا لاعتقال ابنه و كذا لانعكاس ذلك على مستقبله بشكل سلبي . فقرر إجراء بحث من بعيد لمعرفة الواشي.
و كانت الحقيقة صادمة و موجعة ، إنه استاذ الفلسفة ” مصطفى الطائر ” الذي أبلغ به و بالتالي فهو عميل في المخابرات .
و عند الإفراج عن الابن ، و في إطار توبيخه من طرف أبيه الشرطي أبلغه أن أستاذه في الفلسفة هو من أبلغ به و بباقي التلاميذ.
لم يحافظ الابن عن ذاك السر و أفشى به لكل زملائه التلاميذ.
و في إحدى الليالي سُمِعَ الصراخ و الاستغاثة من بيت : ” مصطفى الطائر ” ، لقد شب حريق مهول في منزله.
يتبع…