ذ : إدريس حيدر
و انتبه سكان دوار ” القنادل ” ،إلى كون ” امخيتر ” ،كان يتمتع ببعض القدرات و الإمكانيات الذهنية كما ظهرت عليه بعض مميزات القيادة.
بدأت ساكنة المدشر ،تعتمد عليه في مخاطبة السلطة و الترافع على مصالحها أمام الجهات المختصة.
و نتيجة لكل ذلك ،أصبح الفتى التائه يحظى ببعض الاحترام و يُؤْخَذُ برأيه.
كان يسكن إحدى البراريك المتهالكة ، ورثها عن أبويه الذين هلكوا ،فيما إخوته كانوا قد غادروا الدوار باكرا إلى جهات مختلفة من البلاد ، و كان ” امخيتر ” يعيش من مساعدات ساكنته.
و مع مرور الوقت أصبح يعمل في الفلاحة و يعول نفسه من مداخيلها.
كان الجميع يعطف عليه ، و كان خجولا ، يتكلم غالبا مع الغير و هو مطأطأ الرأس ، و لا يقوى على النظر في وجوه مخاطبيه ، كما كانت تعلو وجهه حمرة ،كلما حاورته إحدى سيدات الدوار.
و في تلك الأثناء ،كانت قد حلَّت بالقرية إحدى الأرامل و التي بعد أن قضى زوجها ترك لها ثروة كبيرة باعتباره كان من أغنياء البلاد.
فضلت ” الحاجة عائشة ” ،العودة إلى مسقط رأسها للعيش وسط أهلها ،لكونها كانت وحيدة حيث لم ترزق أبناء.
كانت في بداية عقدها الخامس ،و بالرغم من ذلك ،لم تفقد شيئا من جمالها الذي عُرِفت به.
مكتنزة الجسم ، تخطو الهوينى و تبدو وهي تتمايل و كأنها تتراقص ،ذات عينين عسليتين واسعتين و حاجبين رقيقين ممتدين فوقهما ،فيما مبسمها كان جذابا حيث كانت تبدو أسنانها بيضاء ناصعة و متراصة كلما فتحت فمها.
كانت تُكثر من الهدايا و الأعطيات و الصدقات لفقراء و معوزي القرية ،خاصة في المناسبات الدينية ،كما كانت تعود المرضى و تقدم العزاء لأسر الموتى و تساعد بمالها الخاص الايتام و ذوي الاحتياجات الخاصة .
أحبها الجميع و بادلتهم نفس المشاعر.
اعتبر ” امخيتر ” أن ” الحاجة عائشة ” وحيدة و أنها تحتاج يوميا للمساعدة و المساندة و الدعم.
و اصبح يطرق باب منزلها يوميا من أجل خدمتها و قضاء حوائجها.
تمتنت عرى المودة بين الطرفين ، و كان أهل الدوار قد استحسنوا خدمته للفاضلة ” الحاجة عائشة ” ،كما أن تردده يوميا على منزلها و ولوجه حاملا طلباتها أصبح بالنسبة لهم أمرا عاديا و مستحبا .
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر.