القصر الكبير وجود مدينة بلا حضور.

21 يناير 2022

محمد علوى:
☆ ☆
في اتجاه مدينة -اللقلاق- القنيطرة على الساعة 12و57د بمحطة القطار بالقصر الكبير ، من أجل الرقابة الطبية الاعتيادية لابني مراد.
بعد جلبة الركوب و الجلوس في مقاعدنا بجهد جهيد و توجس من عدوى كرونا المقيت ، التقط سمعي حوار بين سيدة و رجل
متوسطي العمر ، من حديثهما تستشف صدفة اللقاء ، إذ كان موضوع حوارهما حول حالة القصرالكبير و طبائع أهلها.
كان رأي السيدة سوداويا ، حيث لاحظت أن المدينة عكس ما يعرف عنها إذ يغلب عليها طابع البداوة ، و ما يميزها سوق سبتة و لفافات الرزيزة ، و اعتلت شوارعها الأوساخ و طغت عشوائية أسواقها المكتظة بعرابات الباعة الجائلين المرتفعة أصواتهم و قل حياؤهم ، و بضاعتهم تتوسط الشوارع حتى تكاد تلامس عينيك و تتسلل بين رجليك ، و لا قدرة لك على المعارضة و لو بلين الكلمة ، إذ يشنفون الأسماع بأقبح الشتائم و النعوت ويحفظك الله من علقة قد تدفئ جسمك ، أما احتلال الملك العمومي فحدث و لا حرج ، إذ تجد كراسي المقاهي في كل رصيف و معروضات ملابس النساء و الأطفال على جنبات الشوارع و هلم جرا …
إن المشكل يكمن في أهل المدينة- تستطرد السيدة- يهتمون بدورهم و أناقتهم ، و يهملون مدينتهم فيتركونها شيعا للسياسويين ، الذين لا هم لهم إلا الريع و الالتصاق بالكراسي.
شعرت بخيبة و غصة تشد ثلابيب حلقي بسبب هذا التشويه الذي يطال مدينتي التي لها شان كبير في عراقة التاريخ ، و غنى التراث الثقافي المادي اللامادي ، و في الدود عن الأرض و الملة و الانسان من خلال معركة وادي المخازن الخالدة ، و عبقرية نسائها و رجالها الأفذاذ في الأدب و العلوم و الفن بكل أصنافه ، مما جعلها رأسمال بشري وطني و محلي مشهود له.
و ذكرني رأي هذه السيدة بقولة المجاهد الهاشمي الطود في إحدى عروضه عند تكريمه من طرف جمعية مدينتي للتنمية و التعاون بالقصر الكبير حيث قال:
(يحز في نفس كل قصري أن تعرف مدينته بسوق سبتة أكثر ما تعرف بتاريخها و أفدادها).
وافق مجالس المرأة كلامها في بعض ما قالته ، و استطرد في رأيه قائلا إن هذه المدينة أصيلة بتاريخها و مثقفيها و طيبوبة أهلها و كرمهم ، هي حلوة مؤنسة رغم قساوة ظروفها التي تمر منها من تهميش و استنزاف للمال و الجهد ، بسبب تغليب السياسوية و الارتجالية في التدبير الجماعي على الحكامة و حسن التدبير.
لقد خفف عني رأي هذا السيد و قلت في نفسي الحمد لله ان هناك من يعترف لهذه المدينة الخالدة بتارخيها و شهامة أهلها رغم تنكر بعض أهلها لها.
ألم يحن الوقت بعد لإعطاء هذه المدينة الفاضلة قيمة شرفائها و كرمهم ، و نخوة أعزائها و إقدامهم ، و عراقة تاريخها و تراثها.
لقد أصبح من الضروري التصدي لكل سياسوي مقيت و انتاهزي بغيض ليعود للقصر وهجه و حضوره .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading