
_ خديجة الشرقاوي رئيسة جمعية سيدتي للنهوض بحقوق المرأة.
في قضية مقتل الطفلة هداية هل القاضي محق في حكمه!؟… أم القانون هو من يحدد السقف؟!
في قضية هداية التي أثارت الرأي العام المحلي، صدرت أحكام وُصفت من طرف البعض بأنها “خفيفة”، غير أن القراءة القانونية الدقيقة تظهر أن القاضي لم يخطئ في تطبيق القانون، بل استعمل أقصى ما يتيحه النص الجنائي المغربي.
فالقانون الجنائي المغربي، في الفرع 3 منه المتعلق بمسؤولية القاصر جنائيا، ولا سيما الفصول من 140.139.138تنصّ بوضوح على أن الحدث الذي لم يبلغ بعد 18 سنة لا يمكن أن يُدان بعقوبة تتجاوز 15 سنة سجناً نافذاً، حتى في الجرائم الموصوفة بالخطيرة أو المقرونة بظروف التشديد.
وبما أن المتهم في هذه القضية يبلغ من العمر 16 سنة، فإن الحكم الصادر في حقه بـ 15 سنة سجناً يمثّل الحد الأقصى الممكن قانوناً.
المعطيات تؤكد أيضًا أن المتهم كان متابعًا بثلاث تهم ثقيلة، ما يجعل القاضي في هذه الحالة قد استعمل أقصى العقوبة المقرّرة دون إمكانية لتجاوزها. وبالتالي، فالمسؤولية ليست قضائية بل تشريعية، لأن القاضي يطبّق النص القانوني كما هو، ولا يمكنه تجاوزه أو اختراع عقوبات غير منصوص عليها.
إن النقاش الحقيقي الذي ينبغي أن يُطرح اليوم، هو هل ما زال الإطار القانوني الحالي كافيًا لردع الجرائم الخطيرة حين يكون مرتكبوها من القاصرين؟
وهل نحتاج إلى مراجعة تشريعية دقيقة تراعي تطور الجريمة وحدود المسؤولية الجنائية للأحداث؟
هذه الأسئلة تفتح الباب لنقاش وطني هادئ ومسؤول حول توازن العدالة بين مقتضيات القانون ونداء المجتمع نحو الإنصاف.