مولاي أبو الحسن علي بن خلف بن أبي غالب بين الخطإ التاريخي الشائع لولي واحد له قبران

17 أكتوبر 2025
Oplus_131072

بقلم : عبد القادر الغزاوي .

الاعتقاد الخاطئ السائد أن إسم أبي

علي بن خلف بن غالب لشخص واحد له قبران . واحد في مدينة القصر الكبير والآخر في مدينة فاس .من خلال مطالعتي لبعض كتب التاريخ المغربي والتراجم ، وخاصة تاريخ مدينة القصر الكبير وأوليائها وأعلامها رجالا ونساء ، ومآثرها التاريخية والعمرانية .
وعند قراءتي لكتاب ” المغرب المجهول ” تأليف أوجست مولييراس ، قرأت في الصفحة رقم 416 ما يلي : ( … وبخصوص المآثر الدينية ، هناك عشرات المساجد والزوايا ، ومن أشهرها زاوية سيدي عبد الرحمان المجذوب وزاوية سيدي علي بوغانم ، ( هكذا ) ، وهذا الأخير هو سيد القصر الكبير ، لكنه مدفون بفاس ، أما الأول فمدفون بمكناس الزيتون . ) ( 1 ) . إن هذا القول خاطئ وليس صحيحا ، وأن إسم ( سيدي علي بوغانم ) ليس صحيحا ، والصحيح هو سيدي علي بوغالب ، كما هو معروف لدى أهل مدينة القصر الكبير ، وإسمه الكامل هو مولاي أبو الحسن علي بن خلف بن أبي غالب القرشي الأنصاري الشلبي الأندلسي . وأنه ليس مدفونا في مدينة فاس ، كما جاء في تلك الفقرة ، وإنما هو مدفون بمدينة القصر الكبير .
فقد وقع إلتباس في التفريق بينهما . وأن كتب التاريخ المغربي وأوليائه ، تخبرنا أن هناك شخصيتين من أولياء الله الصالحين ، ولكن إسميهما يتشابهان .
فدفين مدينة القصر الكبير يسمى : 1) أبو الحسن علي بن خلف ابن أبي غالب القرشي الأنصاري الأندلسي .
أما دفين مدينة فاس فيسمى : 2 ) العارف الشريف سيدي علي بن أبي غالب الصاريوي .
1 ـ أبو الحسن علي بن خلف بن أبي غالب القرشي الأنصاري الأندلسي ، الولي الصالح والعالم الكبير والمدرس الموسوعي دفين مدينة القصر الكبير :
فقد ورد في كتاب سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس … الترجمة رقم 426 : الصفحة رقم 28 . ما يلي : ( الثالث : كثير من الناس يظنون أن صاحب الترجمة المذكور هو دفين القصر ، وأن له قبرين ، وهذا الظن باطل ولا أصل له ، بل دفين القصر رجل آخر ، وهو الشيخ الإمام ، العلامة المحدث الهمام ، العارف بالله تعالى ، أحد الأوتاد ، أبو الحسن سيدي علي بن خلف بن غالب الأنصاري ، وقيل القرشي الأندلسي . وقد ترجمه التاد لي في التشوف فقال : ” ومنهم : أبو الحسن علي بن خلف بن غالب القرشي . نشأ بشلب ، وقرأ بقرطبة ، واستقر أخيرا بقصر كتامة ، وبه مات عام ثمانية وستين وخمسمائة ، ويقال : عام ثلاثة وسبعين . ) ( 2) .
وجاء في الصفحة رقم 30 من الكتاب نفسه ما يلي : أصله من شلب ، وبها نشأ وقرأ وتأدب ، ثم رحل إلى قرطبة ، واستوطنها ، وقرأ بها القرآن والحديث وغيرهما ، وصحب العلماء الأخيار والأولياء الكبار ، كالشيخ العارف المحقق أبي الحلم ابن برجَّال وغيره ، ولكن اعتماده في الطريق وشيخه على التحقيق إنما هو : الشيخ الإمام العارف المحقق الكبير أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن عطاء الله الصنهاجي ، نزيل المرية من قرطبة ، ولم يزل ينتقل من موضع إلى موضع ، ودخل في خلال ذلك فاسا ، واستوطنها مدة ، وبها لقيه تلميذه الشيخ أبو مدين ، فلازمه وانتفع به ، وقرأ عليه كتاب ” السنن ” لأبي عيسى الترمذي ، ثم انتقل إلى قصر كتامة وبه توفي سنة ثمان وستين وخمسمائة ، ويقال : سنة ثلاثة وسبعين . ودفن خارج باب سبتة منه ، عن يمين الداخل ، وقبره هناك معظم مشهور . وكان – رحمه الله – من سادة الصوفية المتبعين المقتفين آثار السلف الصالح ، المهتدين بهديهم ، شديد التمسك بالكتاب والسنة ، وكان متمسكا في علوم القوم ، وكان العلماء والأولياء المشاة في الهوى يحضرون مجلسه ، وكان إذا أشكل عليه معنى ، نظر إلى جهة من جهات البيت ، فيجده مسطورا ، وأخبر تلميذه الشيخ أبو محمد عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل الأوسي ـ من أحواز قرطبة ، المعروف بالقصري ، لنزوله قصر كتامة ، المتوفى بسبتة ـ أنه رأى ليلة وفاته في السماء مكتوبا : فقد وتد ! . وممن تعرض لذكره : صاحب ” المرآة ” ، وذكر أيضا : أنه توفي بقصر كتامة ، ودفن خارج باب سبتة ، أحد أبواب القصر . ) .
وقد جاء في كتاب التشوف إلى رجال التصوف . الصفحة رقم 211 . الترجمة رقم 81 ما يلي : ( ومنهم أبو الحسن علي بن خلف بن غالب القرشي : نشأ بشلب وقرأ بقرطبة . واستقر أخيرا بقصر كتامة وبه مات عام ثمانية وستين وخمسمائة . ويقال عام ثلاثة وسبعين . ) .( 3 ) .
أما كتاب جذوة الاقتباس في ذكر من حلّ من الأعلام مدينة فاس . الجزء الثاني . الصفحة رقم 468 ، رقم الترجمة 512 : فيحدثنا بمايلي : ( علي بن محمد ابن غالب الفاسي : علي بن غالب ، أحد فقهاء مدينة فاس ، أخذ عنه الشيخ أبو مدين ، وكان من العلماء . توفي بقصر كتامة ودفن خارج باب سبتة سنة ثمان وستين وخمسمئة . ) ( 4 ) .
2 ـ العارف الشريف سيدي علي بن أبي غالب الصاريوي دفين فاس :
فقد جاء في كتاب سلوة الأنفاس السالف ذكره . الصفحة رقم 21 . الترجمة رقم 425 :
( ومنهم : الولي الصدر الكبير ، الشيخ الصالح الشهير ، ذو الأسرار الظاهرة ، والبراهين الباهرة ، حجام أهل الله تعالى ، المقصود لكل طالب وراغب ، أبو الحسن سيدي علي – الشهير بأبي غالب – الصاريوي دفين صاريوة : المحل المعروف الآن بالقليعة ، من داخل باب الفتوح بالقرب منها . شوهد لضريحه – رضي الله عنه – كرامات كثيرة ، وتصرفات شهيرة ، وبركات ظاهرة ، وخوارق باهرة ، ولا زال الناس يستشفون به من جميع الأمراض والعاهات ، وسائر العلل والآفات ، فيشفون ببركته ويجدون البُرء بعنايته وسر نفحته ، والأخبار بذلك منتشرة ، وفي سائر الأذهان مقررة مشتهرة ).(5) .
ويعرف هذا الولي عند العامة بلقب ” مولاي علي بوغالب مول القلالش ” .
وجاء في كتاب الروض العطر الأنفاس ( علي الصاريوي : ومنهم الشيخ الكامل الواصل سيدي علي أبو غالب دفين صاريوة (448) من داخل باب الفتوح . ولم نلف له ذكرا إلا في قول صاحب ” المعيار ” . قال : هو الشيخ الولي الكامل سيدي علي بو غالب الصاريوي ، وأظنه قال إن كراماته ميتا أكثر منها حيا فراجعه . ولا شك أن كراماته كثيرة على الدوام واضحة ، وبراهينه لا تزال قاطعة لائحة ، ما قصده ذو عاهة أو جرح أو مرض معي إلا برئ غالبا ، وكثيرا ما ظهر في ذلك من الآيات والعبر ، ولا تزال تظهر على الدوام والاستمرار ، وهو مقصود لذلك كثيرا ، ويأتيه الناس لذلك من سائر البلاد ، ولاو ذكرنا بعض ما نعرف من ذلك وما سمعنا تحقيقا ، لكان فيه طول الكلام ، وجميع أهل فاس يعرفون هذا ، فلا يحتاج إلى تعريف ، وبرهانه قاطع ، وليس الخبر كالعيان ) . ـ ورد في الهامش رقم 448 : ( حومة بفاس استقر بهل بنو صاريوة الذين نزحوا إليها من مدشر هم ( صاريوة ) الواقع بمنطقة بني يازغة بجوار فاس فنسبت إليهم ) . (6) .
وقد أصبح ضريح الولي سيدي علي أبي غالب الصاريوي مزارا مشهورا ووليا معروفا ، حيث ورد في كتاب فاس قبل الحماية الجزء الثاني . الصفحات من 772 إلى 776 . عند كلامه عن الحلاقين ( الحجامة ) أنهم ( ينظمون كل سنة ، في يوم أربعاء من فصل الخريف ، موسمهم الطائفي بضريح سيدي علي بوغالب (36) وليهم . كان المعلمون الرئيسيون ( المعلمين الكبار ) يحددون تاريخ الموسم ويعلنونه بواسطة مناد عمومي ، ليتصلوا بأكثر عدد ممكن من الناس ، بما فيهم القرويون العابرون ) . (7) .
وفي الموضوع نفسه جاء في كتاب الطريق لمعرفة القصر الكبير الصفحة رقم 36 ( ولكي نرفع هذا الالتباس الذي هو موجود بين مدينة فاس والقصر الكبير ، لأن مدينة فاس يوجد فيها ضريح يسمى مولاي علي بن أبي غالب . نقول أن ضريح مولاي علي ابن غالب الموجود في كان صاحبه رجلا وليا صالحا عالما بعلم الظاهر ، وكانت مهنته الحلاقة ( أي حلاق ) ولا زالت العادة في فاس أن كل يوم أربعاء يذهبون لزيارته الحلاقون بفاس ، أما ضريح مولاي علي بن أبي غالب الموجود بالقصر أنه عالم كبير كما سبق أن قلناه (😎 .
أكتفي بهذا القدر من المعلومات كما وردت في مصادرها ومراجعها ، لتسليط الضوء على ذلك الاعتقاد التاريخي الخاطئ والشائع عن شخصيتين من أشهر أولياء الله الصالحين بالمغرب ، وما يمتاز به كل واحد منهما من علم وصلاح وكرامات . وأن لكل منهما أتباعا ومريدين ، وأن لكل واحد منهما ضريحه في البلدة التي توفي فيها ، وهو معروف ومشهور بها . وليس كما كان سائدا أن الأمر يتعلق بولي واحد له قبران . ومن أراد التوسع في هويتهما والاطلاع على حياتهما الكاملة ، فعليه الرجوع إلى كتب تراجم الأولياء ، وكتب التاريخ .
المراجع والهوامش :
1 ـ كتاب المغرب المجهول . تأليف أوجست مولييراس . ترجمة وتقديم عز الدين الخطابي . الجزء الثاني . اكتشاف جبالة . الطبعة الأولى . السنة 2013 م . الصفحة رقم 416 .
2 ـ كتاب سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس . تأليف الشريف أبي عبد الله محمد بن جعفر بن إدريس الكتاني . الجزء الثاني . الترجمة رقم 426 . الصفحات رقم 28 و رقم 30 .
3 ـ كتاب التشوف إلى رجال التصوف لأبي يعقوب يوسف بن يحيى بن عيسى بن عبد الرحمن التادلي عُرف بابن الزيات . اعتنى بنشره أدولف فور . السنة 1958 م . الصفحة رقم 211 . الترجمة رقم 81 . 4 ـ كتاب جذوة الاقتباس في ذكر من حلّ من الأعلام مدينة فاس . تأليف أحمد بن القاضي المكناسي . الجزء الثاني . السنة 1974 م . الصفحة رقم 468 ، الترجمة رقم 512 .
5 ـ كتاب سلوة الأنفاس السالف ذكره . الصفحة رقم 21 . الترجمة رقم 425 .
6 ـ كتاب الروض العطر الأنفاس بأخبار الصالحين من أهل فاس . المنسوب لأبي عبد الله محمد بن عيشون الشراط . دراسة وتحقيق زهراء النظام . الطبعة الأولى السنة 1997 م . الصفحة رقم 225 . والهامش رقم 448 .
7 ـ كتاب فاس قبل الحماية تأليف روجي لوتورنو . ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضر . الجزء الثاني . الصفحات من 772 إلى 776 .
8 ـ كتاب الطريق لمعرفة القصر الكبير . تأليف محمد عبد السلام بوخلفة . طبعة سنة 1972 م . الصفحة رقم 36 .
9 ـ كتاب مدينة القصر الكبير تاريخ ومجتمع ووثائق . تأليف عبد السلام القيسي الحسني . الطبعة الأولى . السنة 2006 م .
10 ـ كتاب مدينة القصر الكبير الذاكرة والحاضر .تنسيق وتقديم محمد المغراوي . الطبعة الأولى السنة 2000 م .
11 ـ كتاب مرآة المحاسن من أخبار الشيخ أبي المحاسن . تأليف الإمام أبي حامد محمد العربي بن يوسف الفاسي الفهري . دراسة وتحقيق الشريف محمد حمزة بن علي الكتاني . الطبعة الأولى السنة 2008 م .
12 ـ الأنيس المطرب بروض القرطاس في أخبار ملوك المغرب وتاريخ مدينة فاس . تأليف علي ابن أبي زرع الفاسي . راجعه عبد الوهاب بنمنصور . الطبعة الثانية السنة 1999 م .
13 ـ جني زهرة الأس في بناء مدينة فاس . تأليف الجزنائي . تحقيق عبد الوهاب ابن منصور . الطبعة الثانية . السنة 1991 م .
14 ـ كتاب سيدي علي بوغالب في الوجدان الأدبي . تأليف أحمد العراقي . السنة 2011 م .
15 ـ الصورة المرفقة : ضريح مولاي أبي الحسن علي بن خلف بن أبي غالب دفين مدينة القصر الكبير .
القصر الكبير في 05 يونيو 2020 م .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading