
ـ ذ . حميد الجوهري :
لا أستطيع إنكار شديد اهتمامي بفضاء الفايسبوك، أسبح فيه أوقاتا طويلة حد الاستغراق، تراني بين جوانبه أرشف فكرة هناك، أو أتأمل مقالة، أو حتى أني أتفحص صورا متناثرة بين أركانه؛
و لأنه فضاء الإعجاب و العجب، ينالني منه نفخه، و لطالما أعجبت بنفسي أيما إعجاب، و مدحتها في غفلة، و الرياء غفلة كما تعلمون، و لا عجب في ذلك، فهذا مسلك مريديه، و ذكرهم الذي يعلي أو يخفض، و لا أدري لماذا لا نعترف بهذه الخصال، حينما ندون أو ننشر مذكراتنا، بالصورة أو الكتابة ؟!
و لموازنة سلوك المرء فيه، لا بد من تحديد مجالات الاهتمام، هذا أمر يستوجب اجتهادا و مجاهدة، و أقصد أن النفس تستصعب ميادين الاستفادة الإيجابية، و هذه عيوننا تكتفي بما انتشر من قراءات صورية، تحجب عن المرء فضيلة التأمل، و تفوت علينا كما هائلا من القراءة المفيدة، أو المشاهد العلمية الرائدة، و لعلني انتبهت لهذا الأمر فغدوت شغوفا بصفحات أصحابها أسياد فكر، من مختلف المشارب و التوجهات، و لا أفرق بين الذي على نسقي الفكري، و بين ذلك الذي يدافع عن فكر مفارق، حتى أني أقسو على نظري أو سمعي بمتابعة هؤلاء، و لا أبغي في ذلك إلا سبيل الرشاد، و لي في ذلك حظ من العجب و الإعجاب أيضا!
في هذه الأيام، اكتشفت أسماء رائعة ألزمتني بمتابعتها و الاستماع لها، من المشرق و المغرب، أسماء و نوادي حوار كثيرة و كبيرة، تغنيك عن صغائر الأمور، و تجعل ذهنك يسبح سبحا جميلا، و ليأت العجب و الإعجاب بعد ذلك، فوالله لا يتدافع خير مع شر إلا غلبه..
( الصورة هدية من السيد “الذكاء الاصطناعي” بعد أن طلبت منه تحويل صورتي إلى صورة من العشرينات من القرن 19)