
— ذ. ادريس حيدر :
نظرا لإكراهات خاصة ، تواجدتُ لأيام محدودة ، بمدينة :” القصر الكبير” على غير العادة .
كانت الحرارة جد مرتفعة و تقارب :46 درجة ، هذه الأجواء لا تغري الزائر أو القاطن بالخروج إلى الشارع ، حتى تغيب الشمس ، و يرخي الليل سدوله ، و تحل ظلمته ، حيث تعم الأجواء بعض الرطوبة ، و تخرج الساكنة للاستمتاع ببعض الراحة ” البئيسة” و الاسترخاء ” الكاذب”، على جنبات الطريق المؤدية لمدينة العرائش ، و التي اصطُلِحَ عليها افتراء ب” الكورنيش” أي الممشى الممتد بجانب البحر .
و بالرغم من هذه الإكراهات فالمدينة مكتظة ، بالجالية القصرية المقيمة بالخارج ، و التي تزورها ، إما لصلة الرحم أو لأفراح و أتراح بعض أهاليهم ، و كذلك بتواجد بعض عابري السبيل ، أو بعض السياح الذين يريدون الاستمتاع بشواطئ لمدن مختلفة : أصيلة ، العرائش ، مولاي بوسلهام ، و يستقرون بمدينة القصر الكبير ، لأن الكراء بها أرخص من الدور بالمدن المذكورة .
و بالرغم من قساوة الطقس ، فالجميع يتحمل ، و يعتبر أن موجة الحرارة لابد زائلة و عابرة .
إلا أن ما لا يُطيقهُ كائن ، هو أن تُصاحب تلك الأجواء الصعبة ، روائح كريهة في كل أركان المدينة ، مع ما يرافقها من ذباب و حشرات ، بسبب الإضراب الذي شنه رجال النظافة ، الذين يعيشون أوضاعا مزرية ، نتيجة عدم أداء الشركة المكلفة بالنظافة في إطار التدبير المفوض ، لأجور هؤلاء العمال لبعض الشهور ، و الحال أن أغلبهم يتولى إعالة أسر متعددة الأفراد و لا معيل لهم .
إن الساكنة لهذه المدينة المهمشة ، تتفهم دواعي الإضراب ، و تتضامن مع قرار العمال بخوض معركة الإضراب ، و التي ترمي إلى حماية مصالحهم و قوت عيالهم .
و لكن ما لا يُفهم و لا يَستساغُ ، هو صمت و سكوت المسؤولين و الجهات ذات الصلة ، التي عليها التعامل مع المواطن بكثير من الاحترام و التقدير ، و أن توفر له كل سبل الراحة و الطمأنينة و إقامة تحترم إنسانيته ، و إلا حُقَّ محاسبتهم في إطار المبدأ الدستوري : ” ربط المسؤولية بالمحاسبة “.