د . سعيد الحاجي :
اشتغلت في ثانوية تأهيلية بأحد المناطق القروية في إقليم وزان، كانت الثانوية مبنية على منحدر يتيح رؤية الهضاب المجاورة، في أيام الشتاء الماطرة حيث شروق الشمس يقارب الساعة الثامنة صباحا، وبعد أن أبدأ في إلقاء الدرس، تتراءى لي مجموعات صغيرة من تلامذتي في قسم الباكالوريا، وهم يصارعون الرياح والأمطار والأوحال، متدثرين بقطع بلاستيكية من ذلك النوع الذي يغطى به التبن، يحاولون الوصول إلى الثانوية التي تبعد بحوالي ثلاثة كلمترات عن قريتهم، يقطعونها يوميا ذهابا وإيابا، يصلون متأخرين بأزيد من عشرين دقيقة، يعتذرون لي عن تأخرهم بسبب الأمطار…
أستحضر في تلك اللحظة، فئة من تلامذة المجال الحضري، يقفون أمام أبواب منازلهم بملابس أنيقة ودافئة تقيهم لسعات البرد الصباحية، تأتي سيارة نقل مدرسية خاصة، تقلهم من باب المنزل إلى الثانوية الخاصة دون أن تمسهم قطرة مطر واحدة، وبعد نهاية الحصص الدراسية، تنقلهم سيارات آبائهم الخاصة نحو مراكز الدروس الإضافية المؤدى عنها…
عندما كان تلاميذ البادية يعتذرون لي عن تأخرهم، كنت أجيبهم دائما:
أنا الذي أعتذر لكم باسم الوزارة على عدم توفير وسائل النقل المدرسي… !
اعتراف: كنت دائما أضيف نقطتين لكل تلميذ من الفئة الأولى كنوع من جبر الضرر ..