8 مارس بلباس ابيض

8 مارس 2025

بقلم : الأستاذة حميحم مليكة

إلتقيتها صبيحة يوم 08 مارس بلباس أبيض و طرحة بيضاء، لا يتعدى عمرها الثلاثين، في يدها نبات الريحان و في يدها الأخرى طفلتيها الصغيرتين، الأولى في الرابعة من العمر و الثانية سبع سنوات، تتشبثان بيدها بكل قوتهما فلم يعد لهما إلا كف هذا الملاك الأبيض و الوجه الملائكي، صاغرة أمام الخالق و صامدة في وجه المجهول الغامض.
ألقيت عليها التحية و سألتها عن وجهتها باكرا ، أجابتني مبتسمة : سأذهب لزيارة المرحوم فقد كان يهدينا وردة لكل واحدة منا و يقول لنا هذا يومكن و سأقضيه في خدمتكن.
إسترسلت وكأنها تكلم نفسها : لقد كان حنونا علينا متفهما لرغباتنا و ها نحن اليوم سنذهب إليه لنتدفأ بقربه و نشاركه يومنا بأكمله ونضع على قبره الرياحين .
تذكرت هذه السنة كم كانت قاسية على كثير من النساء مثيلاتها ممن فقدن أزواجهن فكان هول الحدث مع هول المسؤولية، كانت الواحدة منهن تبكي الحبيب و المعيل تبكي الفاجعة و تفكر في الحمل الملقى على كاهلها الرقيق.

إنها امرأة تؤدي حق الله لمدة أربعة أشهر و عشر ليال هل يكفينا يوم واحد لنتذكرها، فحتما ستعيش كل يوم و كأنه سنة و ستحمِل كل جمعة نبات الريحان و تبكي كل ليلة على وحدتها و ضياع السند.

انه الثامن مارس الذي يبقى مبتورا بدون دعم الرجل و مساندته، هو يوم إذا غاب عنه توشحت الدنيا بالبياض الحزين، نريده يوما يكون فيه الشريكان متساويان في الحقوق و الواجبات يكونان فيه معا بلباس وردي يسندان بعضهما البعض ، يوم لا يكتفي المسؤول فيه بتوزيع الورود و الوعود فقط.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

Breaking News

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading