بقلم : الأستاذة حميحم مليكة
إلتقيتها صبيحة يوم 08 مارس بلباس أبيض و طرحة بيضاء، لا يتعدى عمرها الثلاثين، في يدها نبات الريحان و في يدها الأخرى طفلتيها الصغيرتين، الأولى في الرابعة من العمر و الثانية سبع سنوات، تتشبثان بيدها بكل قوتهما فلم يعد لهما إلا كف هذا الملاك الأبيض و الوجه الملائكي، صاغرة أمام الخالق و صامدة في وجه المجهول الغامض.
ألقيت عليها التحية و سألتها عن وجهتها باكرا ، أجابتني مبتسمة : سأذهب لزيارة المرحوم فقد كان يهدينا وردة لكل واحدة منا و يقول لنا هذا يومكن و سأقضيه في خدمتكن.
إسترسلت وكأنها تكلم نفسها : لقد كان حنونا علينا متفهما لرغباتنا و ها نحن اليوم سنذهب إليه لنتدفأ بقربه و نشاركه يومنا بأكمله ونضع على قبره الرياحين .
تذكرت هذه السنة كم كانت قاسية على كثير من النساء مثيلاتها ممن فقدن أزواجهن فكان هول الحدث مع هول المسؤولية، كانت الواحدة منهن تبكي الحبيب و المعيل تبكي الفاجعة و تفكر في الحمل الملقى على كاهلها الرقيق.
إنها امرأة تؤدي حق الله لمدة أربعة أشهر و عشر ليال هل يكفينا يوم واحد لنتذكرها، فحتما ستعيش كل يوم و كأنه سنة و ستحمِل كل جمعة نبات الريحان و تبكي كل ليلة على وحدتها و ضياع السند.
انه الثامن مارس الذي يبقى مبتورا بدون دعم الرجل و مساندته، هو يوم إذا غاب عنه توشحت الدنيا بالبياض الحزين، نريده يوما يكون فيه الشريكان متساويان في الحقوق و الواجبات يكونان فيه معا بلباس وردي يسندان بعضهما البعض ، يوم لا يكتفي المسؤول فيه بتوزيع الورود و الوعود فقط.