الملف: الأمل البعيد :

3 فبراير 2025
Oplus_0

بقلم اسماعيل البراق

بينما نساء الحي منغمسات في أحاديثهن الروتينية وهن مجتمعات حول الفرن الطيني التقليدي(الخباز) لطهي الخبز باستعمال بقايا النباتات وقطع الأشجار والحطب الجاف, جاءت عايشة لنفس الغرض تحمل خبزها الذي لايزال عجينا وتتكىء عكازها.
عايشة أو اختيتي عايشة كما يناديها أهل القرية ، وهي المرأة السبعينية الأرملة، حيث تجاعيد وجهها بادية للعيان بفعل تعرضها الكثير لأشعة الشمس ونقص المعادن والعناصر الغذائية الضرورية تحكي كل شيء عن ندوب الزمان المر الذي عاشته ولا تزال…
ألقت التحية وطلبت منهن موجهة كلامها لأصغرهن سنا أن تطبخ لها خبرتيها ثم جلست يسار الفرن على عتبة إحدى المنازل ،
في لحظة سكون وصمت أخذت زمام الحديث:
قالوا غيبقاو يخلصوا النسا لي ماعندم شكون يخدم عليهم…
والناس لي معندمشي…قالتها ولاذت بالصمت تنتظر الجواب والتأكيد أو النفي من النساء …كان سؤالها استنكاريا وهو معرفة الجواب ورد فعل النساء ، هل بلغهن الخبر أم لا…!!؟
كان رد فعل النساء متقاربا:
شكون قالالك…
منين جيبتي الخبار…
كان تساؤلها أو خبرها محركا لمياه الأسئلة الآسنة…
بعد أيام شاع الخبر وتلقاه الناس بتوجس وتردد وبعد ذلك سارع الجميع لإعداد الملف في المركز القروي من أجل الأستفاذة من دعم 500 درهم.
لم تكن عايشة قادرة على التنقل ولا معرفة كيف تعد الملف لتستفيد هي كذلك من هذا الدعم وهي الأرملة الفقيرة التي تعاني العوز والفقر والحاجة والتي تعيش على ما يجود به بعض الكرام من أبناء عائلتها في المدينة.
لقد ذهب خيالها بعيدا وتمنت من أعماق قلبها أن تحصل على ذلك المبلغ الشهري الذي يمكن أن يحقق لها استقلالا اقتصاديا في حدوده الدنيا, أو يكفيها لشراء بعض الأدوية.
كان الحاجز الأساسي هو كيف يمكنها إعداد الملف وهي التي لاتملك لا القدرة البدنية ولا المعرفة القانونية ولا حتى عنوان الإدارة المختصة ولا تتوفر على بطاقة الهوية.
كان الطريق أمامها طويلا جدا…
عندما عادت جارتها رحمة من المدينة ذات مساء و أخبرتها أنها حصلت على الدعم المالي أصبح الأمر حقيقة.
كان بالها مشغولا بل أصبح شغلها الشاغل هو من يأخذ بيدها من أجل الوصول لهذا الأمل البعيد…
للحديث بقية.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading