زهور الدم في الجولان .

26 ديسمبر 2024

بقلم الأستاذة  : حنان قدامة 

لاحديث يعلو اليوم في وسائل الإعلام العربية والدّولية على حديث التوّغل الإسرائيلي في هضبة الجولان السّورية والسّيطرة على جبل الشّيخ .
حديث الجولان جعل الكثير من الأحداث والذّكريات التّاريخية تتوارد على خاطري ،طاف بخلدي صراع الإخوة الأعداء “الغساسنة “حلفاء الرّوم مع “المناذرة “حلفاء الفرس، أحالني الصّراع القديم على الصّراع الجديد في المنطقة وكأنّي بالتّاريخ يعيد نفسه ،كما جالت في ذهني صورة “تلّ الجابية ” المتاخم للهضبة حيث صالح “عمر بن الخطاّب أهل “إيليا “ــ بيت المقدس ــ وأمّنهم بعد معركة اليرموك في السنة 15 للهجرة .
رويدا رويدا بدأت صور الماضي البعيد تفارق ذاكرتي لتتلألأ أمام عينيّ صورة من بواكير طفولتي ظلّت ساكنة في أعماقي، مرتبطة بالجنود المغاربة الذين شاركوا في حرب أكتوبر “1973” لدفع العدوان الإسرائيلي عن سيناء والجولان . .
لا زلت أتذكر صورة الاستعراض العسكري للتجريدة المغربية بالرباط قبل توجّه الجنود المغاربة إلى مدينة “القنيطرة “السّورية ، رأيتهم ملوّحين باشارة النّصر ،يومها كان المنظر مهيبا ،زادته مهابة خشوع النّشيد القومي المغربي الحماسي الذي كانت تبثّه مكبّرات الصّوت :

باسم العروبة والإسلام
والقدس وسينا والجولان
ها حنا جينا نحمي الثأر عرب أحرار
ونعمل يدنا في يديكم ونمحي العار
ونعيد مجد الأيام .
وصل الجنود المغاربة ــ 6000 جندي ــ إلى هضبة الجولان وهم جاهزون لإعادة مجد الأيام إبّان مشاركتهم الجسورة في معركة “حطّين “حيث ناصروا صلاح الدّين الأيّوبي وساهموا في تحرير القدس من الصّليبيين ،فأسسّ القائد صلاح الدّين حارة المغاربة وأوقفها عليهم تكريما لهم
في محاولة لثنيهم عن المشاركة في الحرب وزعت الطائرات الإسرائيلية مناشير على الجنود المغاربة دعتهم بلغة فيها الكثير من التقدير والاحترام إلى التّراجع ،غير أنّهم لم يهتموا بها و واصلوا الصّعود إلى قمّة “جبل الشيخ ” الذي ساهموا في تحريره ليفاجئهم في واقعة غريبة ــ أسهبت وسائل الإعلام في شرحهاــ انسحاب القوّات السّورية دون إعلامهم من طرف الرئيس السوري آنذاك “حافظ الأسد”.
تُركت التّجريدة المغربية المكونة من خيرة الضباط بدون غطاء جوّي سوري فكشف ظهرها لتستفرد الطائرات الإسرائيلية بالمغاربة الذين أضحوا مثل نسر أهيض جناحه ليتسلّل الحزن إلى الجوارح بعد أن سال الدّم المغربي فوق قمّة جبل الشيخ “170 شهيد ا دفنوا جميعهم في محافظة “القنيطرة ”
وأنا أتابع أحداث سوريا اليوم تنتابني احاسيس متباينة يطوّقني فخر ببأس الجنود المغاربة الذي جعل الأمّهات الجولانيات يجبرن صغارهن على دخول المنازل بقولهن “ادخلوا فإن المغاربة الأشاوش قادمون كما تلوّعني حسرة الآه … آه على دماء مغربية سالت
في جبل الشّيخ ،حررته منذ أكثر من خمسين عاما ، وبالامس وقف على نفس الجبل رئيس وزراء الكيان الصهيوني “نتنياهو” معلنا بقاء إسرائيل فيه لمدة طويلة ومعتبرا الجبل عين” بني صهيون “على سوريا ولبنان وحتى الاردن غير انه يتناسى حكم التاريخ وحركة اتجاهاته صعودا ونزولا ؛نصرا وهزيمة ويغفل عن ان بذرة الدم المغربي والعربي التي طواها الجولان ستزهر ولو بعد حين ….
حنان قدامة في 24 20 /20/12 .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading