ذ : إدريس حيدر
كانت سيدة في عقدها الخامس ،متوسطة القامة ،ترتدي ملابس نظيفة و أنيقة، و ترد في الغالب شعر رأسها إلى الوراء و تعقده و يصبح و كأنه ذنب حصان ،يتدلى ،يتمايل و يتراقص مع حركة جسدها.
كانت تقاسيم وجهها مستقيمة ،رقيقة و متوازية ، أنفها صغير و عيناها عسليتان ،يشع منهما ذكاء و نباهة لا تخطئها العين .
إنها السيدة : ” مارغريت ” ،و تذكر في مجاميعها أن أباها اختار لها هذا الإسم ،تمثلا ب” زهرة الأقحوان ” التي كان يعشقها.
كانت تعيش وحيدة في منزل بسيط ،حولته إلى فضاء جميل ،باختيارها ألوانا بهية و متناسقة بين جدرانه و افرشته.
لم يكن أحد يدري ،هل كانت أرملة أو مطلقة ، لكونها كانت تعيش لوحدها دون زوج او أطفال.
كانت امرأة جادة و مستقيمة في كل أنشطتها و أعمالها.
و لم تكن تضع مساحيق أو أصباغ على وجهها ،كما أنها لم تكن تصاحب أو ترافق الرجال.
اشتهرت في الحي والمدينة بكونها خياطة ماهرة و متمكنة من عملها.
و هكذا ترددت عليها عِلْيَةُ القوم و كثير من الضباط الإسبان لرتق الملابس أو خياطة بذلات بأشكال مختلفة حسب طلبات الرجال أو النساء.
كان ” مارغريت ” تعامل جيرانها معاملة حسنة و تتعاطف مع الفقراء منهم بل و تساعدهم خاصة في الأعياد الدينية كعيد الأضحى ،حيث كانت تساهم مع البعض في شراء الأضحية.
و كانت ساكنة الحي تبادلها المحبة و تساعدها على قضاء حوائجهم و مآربها المختلفة خاصة المتعلقة بالتبضع من الأسواق و حمل الأثقال و السخرة…الخ.
غير أن جيرانها كانوا يلاحظون إنها كانت بين الفينة و الأخرى، تقيم و تنظم حفلات و استقبالات في بيتها ،يحضرها بعض الضباط و زوجاتهم ،و كانوا لا يأبهون لذلك و يعتبرون هذا النوع من الأحداث يدخل في صميم حياتها الشخصية .
و بالرغم من كون السيدة ” مارغريت ” كانت محبوبة ،إلا أن مقامها في مدينة صغيرة في شمال المغرب من دون ارتباطات عائلية و مصالح شخصية ،كان يخلق لبسا و غموضا لدى ساكنة الحي و المدينة .
يتبع…
تشكيل : إدريس حيدر.