التماعات الجوهر

19 سبتمبر 2024

د. عبد السلام دخان : 

كل ذات تفتقد إلى الفرح؛ تفتقد إلى جوهرها. الفرح مفعول الذات وبرهانها على انوجادها؛ وعلى العقل الفعال المفارق للأحوال اليومية والمتاخم لها في الآن نفسه. وظيفة العقل أن يكون الجسد في أحسن أحواله، ووظيفة الذات عبر المدركات الحسية تلافي عوائق فرح الذات. المنظورات الثيولوجية تخبرنا أن الجسد فان، وأنه علينا الشروع في الاستعداد للرحيل، لكن هل الفرح باق، والجسد يتبدد؟ إن العلة الميتافيزيقية، ومنظورات حتمية الفناء ليست جديدة، سقراط لم يكن ناجيا من حتمية الفناء، على الرغم من كونه فيلسوفا، يميز بين الوجود والعدم (كل إنسان فان؛ سقراط إنسان؛ سقراط فان). ورغم ذلك كان الإنسان وما يزال معنيا بتحقيق وجوده سواء عبر الفرح، أو عبر مختلف الأشكال التعبيرية الدالة على أفعال الذات وعلى تجاربها، وعلى نوازع الأنا العملية ارتباطا بالكائن، وتحققاته الأنطولوجية. في حمأة هذا التأويل نستحضر جُهد “شوبنهاور Schopenhauer” تخليص الحياة من أقنعة التوسط المتداخلة، والممارسات المحرفة، بغية تصوير الحياة في حقيقتها، والشروع في تعريتها من وعثاء معهودها. ربما كان الأمر يشبه «الرقص مع الذئاب Dances with Wolves» حسب الرؤية السينمائية ل”كيفين كوستنر Kevin Costner”، الرقص مع الذئاب وليس قتلها، ولا حتى ترويضها. ومقاربة الفرح بالتأويل وليس بالتعريف مرده الرغبة في إدراك التماعات الجوهر، بدل العارض والمزيف. ومنذ نزول زرادشت من أعلى جبله لم يحقق الكائن الفرح المشتهى. وظل يعاني من ضجر معهود الحياة، وظل السؤال مُعلقا ومحيرا؛ كيف يفوز الكائن بوجُودِه؟

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading