ذ. عبد الرؤوف الزكري :
راهن جيل من المربين على إحداث الأثر فيمن يتولون أمر تنشئتهم، ونقلهم من حال إلى حال أرقى منه، بتغيير العادات، و أنسنة التصرفات. و كل الهم الذي يشغل بال الأستاذ، أن يكتسب المتعلم المعارف وتتقن المهارات، و يتم توظيفها عمليا في وضعيات معيشة، حتى قيل: التربية هي إعداد للحياة، إن لم تكن هي الحياة. ويحرص المشرف التربوي في الزيارات الصفية، على معاينة هذا الأثر وقياسه. فنجده غالبا ما يستأذن الأستاذ للتواصل مع المتعلمين بشكل مباشر حول محتويات تعليمية، ويكفيه من الوثائق ما يبين البرنامج الدراسي موزعا زمنيا، وتحضير مادي مهما كان متواضعا، وذهني لا يتسامح في الإخلال به، أو التهاون في الإلمام بمضمونه.
ومع الطفرة التكنولوجية، الرقمية خصوصا، التي سهلت الحصول على الوثيقة في شكل يسر الناظرين، و أصبحت من الغنى والتنوع ما لا يحصره عد. فتوسع الناس في استنساخ ما وصلت إليه أيديهم، إغناء لملفهم، وتزيينا لفضاء قسمهم. وتنافسوا في ذلك بالتصوير والنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، لتعميم التجربة، وحث الآخرين على حذوها، ” … ولكل امرئ مانوى “. وقد بدأ الأمر تطوعا، فصار إلزاميا، بالتشريع والنص على إجبارية الملف التراكمي ومحتوياته. فالفصل الدراسي ينبغي توثيق مجريات بعض أحداثه، إشهادا بريادة الأستاذ(ة)، وحتى يحصل اليقين، أن الإصلاح قد وصل إلى التلميذ. فهل سيتسع صدر مدرستنا، لتتحول فصولها التقليدية، إلى أخرى ذكية؟