
—–لبيب المسعدي—–
الساعة تشير إلى التاسعة صباحاً. استيقظت منذ ساعة أو أكثر، فصوت فرامل ومنبهات عربات نقل المدارس الخاصة كان كافيا لمنعي من استكمال حلم الصباح. على يميني وسادة فارغة، دفئها ورائحتها الطيبة تدل على أن نصف روحي غادرت السرير للتو. أسمع كحة أمي من بعيد، وحركة كلبتي الصغيرة وهي تركض على الزليج الأرضي لتنط برشاقة فوقي لتلعق وجهي كعادتها كل صباح. أنهض بجثتي الثقيلة كحصان ميت. اتجه صوب الحمام لأواجه نظيفا خفيفا يوما جديدا بكل حيثياته. على المائدة إبريق من القهوة و أخر من الحليب، خبز باريسي(بين قويسين) ورغيف حديت الطهي، زبد زيتون وزيت بلدي، أمي تسأل عن وجبة غداء اختارتها مسبقا وهي تخبرنا بثمن أرجل البقر الذي أخرجته من الثلاجة في الصباح الباكر. وزوجتي تسألني عما سألبس اليوم.
أتجه بعد وجبة الإفطار إلى مقر عملي بالسوق المركزي حيث ملاذي الأخضر الذي يلهي يومياتي وسط الضجيج والفوضى والبؤس الذي يحيط بالمدينة من كل مكان.
في الزقاق حيث أقطن، حمار بائعة الحليب يتبول تحت نافدة الجيران. كلب مريض يحتضر قرب دكان الحي، تلاميذة المدارس المجاورة الفاشلون في الأقسام وحتى في الغزل، يصرخون بكلام ساقط غير مباليين بالراجلين من كبار السن. ألقي التحية من بعيد على الزبناء الأزليين لمقهى نوميدا، أقتني سجائري من الرجل العجوز الذي استعمر المكان والذاكرة مند زمن طويل. افتح حانوتي بعد أن تبادلت التحية مع جيراني بالسوق المركزي، بائع الطيور وبائع الدجاح، الخضار والجزار وٱخرون من غير التجار لا أدري لماذا هم هنا وما دورهم في هذا السوق. أنظم أشجاري الصغيرة ونباتات أخرى من الصباريات في انتظار زبون يسأل. أنادي النادل الطيب على قهوة سوداء، أشعل أول سيجارة لأحرق بها بقايا أحلامي في هذا الروتين القاتل، ثم أنادي على هشام رفيق النضال لإستقبال حالة جديدة لمسن معزول يستغيت في هذا الوطن حيث كلنا جميعا فيه وبه نستغيث.
أنت لا تعلم إحساس مجاورة تاجر شكله طيلة اليوم و كأنه استيقظ للتو من النوم إسمه بوعسرية
#لبيبيات