
ذ . عبد الرؤوف الزكري
فالأول أصبح مرجعا لا يعلا عليه، لكل من سولت له نفسه تبخيس كل ما تروج له وسائط الإعلام الجديد. حيث يجري خطاب الكراهية والتشهير، مجرى الدم في عروق القائمين عليه، ومنبرا مشاعا يعتليه الجميع، من دون وازع أخلاقي، أو ضابط مهني، وهذا آفة من آفات العصر، ونقمة من نقم القدر.
لكن الثاني، والذي يرجع زمن تأليفه إلى 1970، يكشف فيه فؤاد زكرياء عن قدم الظاهرة، فيما كان يسمى بالصحافة الصفراء والرصيف والإثارة، وكيف كان الناس متعطشين لأخبار الفنانين، والنبش في حياتهم الشخصية وتداولها في المجالس و على أوسع نطاق. أما الروايات الأكثر مقروئية، فكانت البوليسية السريعة الهضم. وينسحب الأمر نفسه على البرامج التلفزية. لكن هذا النقد و مثله كثير، لا يمكن أن ينسف كل ذلك المعمار الذي شيدته الصحافة، ليس بقلمها فقط، بل أحيانا بحياتها، وهو ما سمح لنا اليوم أن ننعت زمنه: بالزمن الجميل، ومهد لهذا الفتح الإعلامي الجديد، الذي لا يمكن أن ينكر فضله إلا جاحد.