
ذ : محمد أكرم الغرباوي :
أن تختار طريق المساكنة و العيش الوديع بعيدا عن صخب الحياة ، ربما هو رهان من تخلص من ثقل و عبء روتين اعتيادي ، بعد تقاعد مريح أو نهايات مفتوحة .
أن تختار الوفاء للحرف المستعصي على كبار المتثاقفين وناشري تحت الطلب ، وتكب بشكل سردي مبهر مختلف متعدد متنوع و آسِر ، ربما هذا أيضا من دندن من أخلصوا لأنغسهم أولا و لقداسة الحرف و بياض الفراغ.
مقهى الواحة الآن بعدما تركها ثنائي وثلاثي الأوجه و الألسن الماكرة صارت على غير عادتها تستدعي جلاسها الأوفياء للصداقات و المحبة و الأدب و الشعر و السياسة و المسرح و الفنون ، فالواحة أكبر من مقهى .
في هذا الصفاء وبنفس الإعتياد جلوسا و مشروبا ، أجدني أتسلل إلى عالمي الإفتراضي بحثا عن صديق عائلتي و عائلات كبيرة ومتعددة أخرى بالقصر الكبير و خارج الوطن . لأقرأ له في سكون وتأمل . وهو المدرك سلفا لقدرته على اختطافنا لعوالمه . وكلما أنهيت قراءة قصصه بكلمة : واو، رائع كعادتك ، أو مسخوط ( بمعناها القصري أي وااعر ، شديد ، متمكن ) يقول صديق بجانبي راق جدا وواع غير قارئ – أكثر ممن لفظتهم الواحة بعيدا .- بسليقته يقول هذا البدوي صرعك هههه
هو عادل البدوي ، المثقف الأديب القاص الخلوق الخجول الوديع المسالم البريء ، الأب الحالم ، الصديق الشقيق ، الفنان المتعدد … لن يتقبل هذه الأوصاف رغم بساطتها في حقه لالشيء سوى لأنه الخجول الخلوق صاحب الظل الثقيل ( ثقل المعرفة ههه خاي عادل )
عادل البدوي عرفته عن طريق جهاد الموسيقار كليم آلة العود ، إبن الإستثناء السياسي المرحوم عبد السلام البدوي أحد قياديي حزب الاتحاد الاشتراكي ومسيري الشأن البلدي المحلي و المهووس بأمجاد النادي الرياضي القصري . الذي رحل بشرف وعزة نفس و كرامة و نزاهة رحمه الله. و هو ابن سيدة المناضلين لالة عائشة حفظها الله .
عادل البدوي إختار مهنة التعب الكبير التربية و التعليم و بقي في بادية بعيدة يترجل للوصول إلى مدرستها الإبتدائية أزيد من ساعة و نصف صيف شتاء برد ريح لم يتغيب او يغب عنها إلا أضطرارا ظل وفيا نزيها للظل و البعد و التعب لسنوات ، حضرته و شهدت لمرات كثيرة رجالا و نساء و أطفالا يسلمون عليه بخشوع و احترام و تقدير ، وحين ينصرفون يقول ” كبرت أخاي أكرم و شرفت هادوا راهوم كانوا التلاميذ ديالي فعرباوة ” وكم مرت شاركته سعادته و هو يستقبل رسالة تخبره بتفوق أو حصول تلميذته أو تلميذه بمنصب جد مشرف .
عادل وراء كل هذا كاتب قاص مدرك متمكن من ناصية الحرف و طرائق الكتابة . بعيدا عن سفسطائية الكلام و كلاموجية إديولوجيا المتثاقفين المنبهرين بالأسلوبية و العجائبية و الفينولوجوتعبيرية …
عادل البدوي أراه يستمتع أولا وهو يروض الكلام و الجمل ليجعلها تنساب فرحا باتجاهنا. ليهدينا قصصا من واقعه و من اليومي المشترك . لنجد انفسنا أحيانا أبطالا و شخوصا لقصصه .
عادل لو آمن يوما بالكتب صنيعة الرجال . و النشر صانع الإنسان . و التوقعيات سيدة اللقاءات الحقيقية . لكان مكتبة قبل أن يكون كتابا واحدا …
صديقي الشقيق كما آمنا معا بهذا الوصف المشترك . ندرك أنك لا تغيب إلا بحثا عن راحة صحية . نتمناك بألف خير و صحة و سعادة . ولتدم كما عهدناك رجل المحبة في قلوبنا .
ادعوكم للقراءة له . ففي نصوصه القصصية مواقف و أحداث وشخصيات و أبطالا تشبهنا ، تشبهكم تماما
محمد أكرم الغرباوي
باحث في الفنون التعبيرية
صورة تؤرخ لنفس اليوم في زيارتنا الجماعية للعزيز الحاضر الغائب محمد الجعنين Mohamed Eljaanin