مقام البوح 29 / قبل الأخير – محامي القصر : فقيه قانون و مدبر نضال إنساني

30 أغسطس 2023

محمد أكرم الغرباوي

مقام البوح 29 / قبل الأخير

علا صوت القانون و الحق سامقا منذ البدايات مع رجالات و نسوة القصر الكبير ، وهي المدينة المجاهدة التي لازالت أرضها الأم مضمخة بدماء شهيدات و شهداء معركة وادي المخازن . ولازال أحفادها يفتخرون إنتماء لزكي تربتها . ناضل أهل القصر الكبير من أجل التحرر و ضد الإستعمار والفساد . وسعى أبناؤه و بناته إلى البناء المجتمعي ، و تأسيس معالمه الحضارية . فكانت الرحلات الطلابية الدراسية صوب المشرق بمصر و العراق …
سمعنا عن من رحلوا سعيا للعلم و عادوا بناة حماة للوطن . لائحة طويلة من الخلص الكرام .
صوت القانون عاد من جديد ليترافع عن البلاد والعباد . و ينتصر للحق و للمظلومين والمقهورين .
كانت ردهات و قاعات و صالات العدل بالمحكمة الإبتدائية بالقصر الكبير و غيرها تشهد مرافعات قانونية قيل عنها كانت دروسا و محاضرات و تحليلا و إستغوارا و إجتهادا في القانون . هكذا علت أصوات التناضر بين المحام و هيئة العدل في إستماتة خالصة لنصرة الحق و المظلوم .
كانوا نزهاء المحاكم ، شهد لهم الجميع بالأيادي البيضاء قبل الوزرة السوداء.
* أذكر صغيرا جنازة مهيبة ، كانت أولى المرات التي أشاهد فيها جنازة مختلفة عما كنت أرى . رجال هامات بوزراتهم السوداء و الشالات البيضاء و محمل فوقه بذلة متدلية معانقة السماء ، و بعض الرجال بمحافظهم أمام وراء جنازة مهيبة مذهلة صادمة . كانت جنازة المرحوم الأستاذ المناضل نور الدين بلفقيه رحمه الله . كبرنا و علمنا أنه كان رحمه الله نزيها و أكثر ، ساهم في تدبير الشأن المحلي و تقويم الحفاظ على مسيرة النادي الرياضي الذي أسس سنة 1936 . و غيره من مصالح الإنسان .
* وعلى ضفة أخرى كان يرافقه في التسيير الجماعي رجل أخلص معه أيضا في التدبير و مهنة المحاماة المرحوم الأستاذ المناضل مصطفى مومن رحمه الله . عاش نزيها مات كريما . رافق جنازته الخاصة و العامة من الناس . شهدوا بكرمه و سخاءه وإستماثته في نصرة الحق و إستقبال مكتبه للباحثين المدققين . الراسخون في الحق أمثال الأستاذ النزيه المناضل الأديب إدريس حيدر و غيره .
* وفي منزلة الدارسين الذي أخلصوا للوطن و المدينة و المهنة و العدل الصهر الأكبر الأستاذ المناضل سيدي عبد السلام الشرادي رحمه الله الذي نهل من العلوم القانونية و الفلسفية و الإجتماعية و الشعر و اللغات بالمشرق رفقة سي بنخليفة رحمه الله و آخرون .. كان مكتبة قانونية ومرجعا يمشي في المدينة . عاش نزيها مات كريما . كان من أوائل المدافعين عن المعتقلين مناصرا للحق والمظلوم و عطوف على اليتيم و الأرملة . دافع عن تاريخ و هوية و أصالة المدينة في تسييره الجماعي لها . كان قدوة من اختاروا و اعجبوا بالمحاماة . آمن بحق الاختلاف و الاختيار . رجل ثقة و أمانة وشهامة .
* كذا هو المربي بدءا ، المحام العدل النزيه الأستاذ المناضل المهدي المجول رحمه الله الذي عرفته المدينة كبيرا منذ بداياته منذ كان أستاذا بالتربية والتعليم . كان يتمتع بالجرأة قولا ومناصرة للحق . ناضل من أجل العدالة و ضد الاستعمار من مسالك مختلفة ثقافية و فنية و أدبية وهو القادم من التعليم إلى القانون . مناصرا المطرودين بعد الإضراب . وكذا عند تسييره الجماعي أيضا لمرات منذ سنة 1976 . عاش نزها كريما . ومات مخلصا لنزاهته و عفته.
* وكذا الأستاذ المناضل الحقوقي عبد الخالق الدغاي رحمه الله عاش يدعو لتثبيت مؤسسات حقوقية موازية للعمل الجمعوي . و الإشتغال على ترسيخ قيم المواطنة و الحق و المساواة و تكافؤ الفرص من داخل المؤسسات التعليمية و أنديتها و عبر المسالك و البحوث الجامعية . ومن داخل المجتمع المدني قربا و اقترابا من الجميع .
* وعلى مقربة من محبة الجميع عاش رجل القانون النزيه رئيس بلدية القصر الكبير بعد إستحقاقات إنتخابية متبادلة لولايتين ( بينه و بين المناضل الفاضل سي محمد الطويل رحمه الله ) إنه الأستاذ المناضل محمد أبو يحيى رحمه الله الذي شهدت له المدينة لسنوات بنقلته المدنية الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية خصوصا لاسيما جعل سينما بريس كالدوس بعد أن طالها الإهمال ، مسرحا بلديا، وتنظيمه المهرجان الثقافي السنوي للمدينة ، وبداياته تغيير الوجه الحضاري المدني مزاوجا بين المهنية و التدبير .
* رجل السمت و الإستماع للآخر والدربة المهنية . من أخلص للقصر الكبير أصالة وعدلا وهو ابن أعاليها بعياشة . المناضل الأستاذ عبد السلام المعرف رحمه الله . إشتغل طوال حياته في صمت ووقار . ودفاع مستميث عن العدل . عرف بتوازنه السياسي و الإجتماعي في تدبيره الشأن الجماعي لمنطقة عياشة . مدافعا عن أبناءها و بناتنا في التعليم أولا الذي كان يراه البوابة الفضلى للتنمية الحقيقية وفك العزلة .
[ ذكرت نخبة فقط قصرا و ليس حصرا . المناضل و الأستاذية شملتهم جميعا ليس تكريما أو صفة بل كانوا لها و أكبر ، هكذا أجمع من عرفوهم قربا اكثر ]
رجال القانون المخلصون للعدالة الفضلى . و الحق الأسمى بمدينتي كانوا معاهد و مدارس أكثر منهم أساتذة في مكاتبهم . علموا و دربوا . وتمرن بمكاتب كفاءتهم خيرة أساتذة اليوم . كانت وزرتهم حِملا ثقيلا و أمانة عظيمة أدوها بعفاف و كفاف و غنى عن الناس . و سلموها بإخلاص و أمانة لأجيال إتخدوا مسار أسلافهم منارا يحتدى به . ومن مكارم فضلاء اليوم يذكرون أفضال و مسار كبارهم بإكبار في كل محفل و دراسة .
يٌذكَرون في المذكرات و الدراسات و المرافعات و الأبحاث القانونية . و يُذكَرون فخرا في سجل تاريخ التدبير السياسي و المجتمعي – لمدينة كان يعيش بها من نفخر بهم اليوم وغذا – روادا و جيلا من ذهب قد رحل و ذهب .
كانوا كراسي علم و تاريخ نضال
رحم الله أصواتا جهرت بالحق في الحق لوجه الحق سبحانه .
محمد أكرم الغرباوي
باحث في الفنون التعبيرية
كاتب و مخرج مسرحي .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading