
الدكتور : خالد الصمدي
كشفت السباحة الحرة في قضايا القرآن والحديث والفقه بدون علم ولا كتاب مبين ، الفراغ والضمور المعرفي الذي تعاني منه فئام واسعة من الناس في مجال علوم الشريعة، وآثار النخبوية المحدودة والمعزولة التي عانى ويعاني منها التكوين العلمي في هذه العلوم ، حين دفعت إلى العزلة دفعا وحشرت في الزاوية الضيقة حشرا ،
وهذا ما يجعل الحاجة ماسة إلى بذل مزيد من الجهود لتوسيع وتبسيط التكوين في العلوم الشرعية ، ونشر ما هو معلوم منها بالضرورة ، وتجديد طرق تدريسها وتقويمها لبناء مناعة علمية لدى الشباب والناشىة ضد كل من يستثمر في الفراغ يريد خلط الأوراق والاصطياد في الماء العكر بقلب الحقائق في أذهان الخلائق،
وهنا يحضر الدور المركزي لمادة التربية الإسلامية في مؤسساتنا التعليمية في تعزيز المناعة الذاتية للتلاميذ ضد كل اختراق يمس هويتهم الدينية وثوابتهم الحضارية ، باستثمار كل أساليب بناء المعرفة العالمة التي تتأسس على الحوار العلمي وقواعده والوسائل البيداغوجية والتكنولوجية المتطورة ،
كما يحضر دور التعليم العتيق في تكوين النخبة العالمة المؤهلة التي تنافح عن ثوابت الأمة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن ،
ويحضر دور التعليم الأصيل الجديد في الجمع بين المعرفة الشرعية واللغوية المتينة والعلوم الإنسانية والاجتماعية والعلوم البحتة في ترسيخ النموذج الحضاري المغربي في التعليم الذي واجه الاستعمار وكسر سطوته ،
وتحضر الأدوار المركزية لشعب الدراسات الاسلامية في مختلف الجامعات المغربية ، وتخصصات الشريعة والقانون و الفلسفة وأصول الدين ، في توسيع الوعي بمناهج العلوم الإسلامية وتاريخها وأعلامها ومدارسها في تكاملها المعرفي مع العلوم الاجتماعية والانسانية والقانونية وتفاعلها مع القضايا العلمية والفكرية والاجتماعية المعاصرة ، مع التركيز على إبراز خاص لجهود المدرسة المغربية عبر تاريخها مؤسسات وممارسات ،
إن المغرب ولله الحمد استطاع من خلال هذه البنية التربوية المتنوعة والمتكاملة أن يوفر لأبناىه نموذجا تعليميا وتربويا يجمع بين الهوية والتنمية، أظهرت التحديات المعاصرة الحاجة الماسة الى تعزيزها وتجديدها وتدعيمها وتطويرها، بتوسيع حضورها في المنظومة التربوية حتى تقوم بدورها استجابة لنداء جلالة الملك الذي دعا سنة 2004 بمنظور استشرافي واستباقي الحكومات المتعاقبة الى اتخاذ كل اتخاذ كل التدابير بأناة وتبصر لتوحيد وعقلنة التربية الإسلامية والتكوين المتين في العلوم الإسلامية كلها في إطار مدرسة مغربية موحدة ” حتى ترفع التحديات والتحولات المعرفية والقيمية التي تزداد كل يوم حدة واتساعا ،