مقام البوح 26 – حوسا والبانكوان ، سيد الجواب و التقشاب

27 أغسطس 2023

محمد أكرم الغرباوي
ليل صيف المدينة طويل وحار ، سطوح المنازل لم تنعم بعد بالهدوء . لازالت الضحكات و بعض صراخ الأطفال لم يتوقف بعد . من بعيد صوت مكبر صوت عرس ينادي ” على السالباه لالاه عايشة مولات الواد ” . ورائحة معمل الشمنذر السكري تهب مرات بقرف و إمتعاض . لاشيء مغري للدخول مبكرا . مذياع صغير يرسل تهاني العشاق المشفرة عبر أغاني برنامج ” بيت الصداقة ”
تتبع طائرة عالية أو عد النجوم أو البحث عن نجمة دليل جوال الصحراء حيل لا تنفع للبقاء بين جدران لاهبة .
فكرة الخروج و متابعة سهرة أصدقاء البانكوان هي الحل كالعادة .
البنكوان فكرة ( حسن ) أحد أبناء المدينة أقام مقهى كشك صغير بالقرب من دار للشباب ، يجتمع عنده بعناية فائقة شباب المدينة و غالبيتهم أبناء الأحياء القريبة ، الأسر العريقة . لحضات إستمتاع شبابي كبيرة الإنتشاء . طاولات إجتمعت على كراسي المشروبات الباردة و طرطقات الفواكه الجافة و نكت عاليات القهقهات .
أن تحضى بجلسة بالبانكوان كان لزاما عليك الدخول ضمن مجموعة النخب . و المجموعة مجموعات يجمعها الإنتساب لكشك لايعترف بالضغينة أو الحقد او التنمر أو الخيانات .
كانت المجموعات تتحلق حول نواذر أو حكايات فائقة المتعة مع الناذر الأسطوري ” إدريس حوسا ” رحمه الله . [ حوسا رجل بسيط إستطاع بصفاء قلبه أن يصير كبيرا يحبه الكل . كان مالك الأجوبة السريعة و الرد المنتقى و النافذ ] لم يكن الإقتراب من طاولته بالسهل . و النظر إليه مطولا يعني أن ينالك قصف فكاهي ساخر قد يكون موضوع ضحكات الأمسية . الكل كان مستعد لقصفه ( كلاشات فكاهية قبل زمن الكلاش و عطيه العصير ) بروح رياضية و تقبل كان يتقلها الجميع ( عُرف البانكوان) . كانت طاولته لاتتغير نفسها نفس أفرادها وأحيانا ضيف قصري مقيم بأوربا . ومن ذرره الحكائية أن ( …طلب من رئيس المجلس البلدي بعد حفر شارع منزله لمرات متكررة في نفس الشهر . طلب منه أن يضع سلسلة مثل سلسلة قميص يفتحها متى أراد الحفر دون إزعاج أحد .)
تعددت حكاياه ورحل رحمه الله .كمجموعة أخرى تركت الضحكات و البسمات بمجموعاتنا .
رحل سي ادريس حوسا تاركا وراءه الكثير من القصص[ التي اتمنى التفاعل و نشرها تعليقا ✋] وفي نفس الآن الكثير من الأثر وحب أمكنة كانت بالأمس بسيطة لكنها كانت كل شيء أنذاك . وهي الآن هويتنا و ذاكرتنا المشتركة . التي مهما طوحت بنا المسافات و الأمكنة نعود اليها شوقا وحرقة .
الجلوس إلى أشخاص إعتبرتهم المدينة نواذر و شخوص غير عادية أنعم الله عليها بمحبة الناس و الإلتفاف حولها .
البانكوان كان فضاء سمر ليلي تجتمع به طاقات ومواهب و أساتذة المدينة . كان بداية تأسيس مجمع ليلي أنيق بما هو متاح و يليق .
كان الجلوس إلى طاولة الحديث و الضحك أرقى من جلوسنا اليوم نستمع إلى هرطقات مسائية أو أكاذيب نسايرها أو كلام في اللامعنى بوهم إمتلاك المعنى .
صرنا نجلس بحثا عن مكان به المبرد ” الكليما ” أكثر من مكان تسمو به ” الكلمة” و أدسنس اليوتوب بدل الكتب.
لإدريس حوسا الرحمة و المغفرة
محمد أكرم الغرباوي
باحث في الفنون التعبيرية
كاتب و مخرج مسرحي.

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading