
لبيب المسعدي
أشعر بتعب كبير و ضيق في التنفس بعد حفلة عيد ميلادي الدي أقامها أبنائي و أحفادي احتفالا بربيعي التسعين.
كان بإمكاني الاتصال بسيارة الإسعاف لكن اختناق حركة السير يجعل مهمتها صعبة جدا، خاصة و ان المستشفى المدني الدي اتابع فيه مع طبيبي الخاص يوجد بدائرة الكشاشرة و هو بعيد جدا عن عمالة الصنادلة حيث اقطن غرب المدينة .
ليس من طبعي ازعاج أحد من أبنائي فكلهم سافروا هدا الصباح لمقر عملهم، ابني البكر يعمل بضواحي الحاجب و يسكن في مدينة جمعة لالة ميمونة، و ابنتي تقطن مع زوجها في عمالة جهجوكة لأنها تعشق المناطق الجبلية البعيدة عن المناطق الصناعية التي اجتاحت مدينة القصر الكبير من مدخلها الشمالي، لحسن حظهم انهم يقطنون غير بعيدين من محطة القطار الخاصة بالبراق السريع الدي قلص بشكل كبير مدة تنقلهم إلى مقر عملهم. حفيدي الأكبر فضل السكن معي لأنه يدرس الطب بالمستشفى الجامعي المتعدد التخصصات بدائرة السواكن الدي يتنقل اليها بواسطة التراموي رقم 6، هذا الأخير ينطلق من الصنادلة مرورا بمحطة المريسة حي ولاد حميد الراقي, ليتوقف بالضبط قرب المتحف الدولي لمعركة واد المخازن المتواجد على ضفاف نهر اللكوس، في بعض الأحيان احب قضاء عشية يوم الجمعة هناك لأخد قسط من الراحة و الاستمتاع بالمنتجع السياحي الجميل و اخد وجبة من السمك الطازج باحد المطاعم الايطالية و اليونانية بلامارينا التي أبدع المسؤولون الموظفون بجهة القصر الكبير في تأسيسها و صيانتها.
رغم تقدمي فالسن لازلت اقود سيارتي العتيقة مرسيدس كلاس س 500 للقاء اصدقائي القدامى الحاج القجيري، الحاج أجطو، الحاج يعلى، الحاج الشريع، الحاج العروصي، الحاج الشوية، الحاج إيطا الحاج الدوخي الحاج الدشراوي، الحاج الكعواشي، الحاج نخشى، الحاج معزية الحاج العابيدي، الحاج الجباري، الحاج الطود، الحاج الفتوح، الحاجة عمران، الحاجة الكلاعي، الحاج بنكيران، الحاج الركوك، الحاج العمراني السورت، الحاج التلمساماني الحاج الشرادي، الحاج عدة والحاج القاسمي المدير السابق للقناة التلفزية الخاصة قصر تيفي، و آخرون عدت انسى اسمائهم بفعل تقدمي في السن. الحاج الزيلاشي البطل السابق في كمال الأجسام يعاتبني دوما على ركوب سيارتي بدلا من التراموياي أو ميترو الانفاق الدي يقطع مدينة القصر الكبير من شمالها إلى جنوبها و من غربها إلى شرقها، نجتمع جميعا في الطابق الثامن لمقهى أوسلو نترحم على أصدقائنا الدين غادرونا إلى دار البقاء و نعيد ذكريات الماضي الجميل بين زقاق المدينة القديمة و على أبواب مقر الشبيبة و الرياضة التي هدم اليوم و ترك مكانه لمسرح كبير و حديقة خضراء بورود زاهية لونها تسر الناظرين أما عن مقر البريد فبني مكانه متجر كبير بعدة طوابق كلها من زجاج، شارع مولاي علي بوغالب أصبح خاصا بالراجلين و مسموح فقط لسيارات الشرطة و الإسعاف و سيارات الأجرة مما جعله أكثر هدوءا ، أما عن الأمن فقد جهزت السلطات المعنية كل شوارع المدينة بكاميرات مراقبة يعمل خلفها المئات من رجال الشرطة الدي يسهرون على سلامة المواطنين ليل نهار. أما عن وسط المدينة جهة سوق سبتة سابقا و قيسارية الدهب فقد عملت الولاية على تأسيس بناية عظمى كحي إداري تجتمع فيه كل الشركات الأجنبية التي تعمل في المناطق الصناعية المجاورة .
صحيح كانت سياسة حكومة سنة 2035 موفقة لأنها قامت بتفويت تسيير المجالس البلدية لمجالس بلديات أجنبية، و من حسن حظنا ربحث بلدية كوبنهاكن طلب عروض و كانت صفقة مربحة للمنطقة و لأحلام القصريين.
الآن يمكن أن أموت في سلام
المسعدي لبيب
7 فبراير 2071