مقام البوح 11بريس كالدوس – أيام السينما

12 أغسطس 2023

ذ . محمد اكرم الغرباوي كاتب ومخرج مسرحيا

سينما بريس كالدوس ( سينما السويقة ، المسرح البلدي ..أرينا حاليا ) التي تخصصت في عرض الأفلام الهندية التي عرفت بأبطالها و حسناواتها ( دراميندرا . الطويل .رونجيطا . مادهوري . الراي الغباق …. ) أو أفلام حسب مقتضى الظروف كالأفلام الوطنية أو العربية ( مغربية . فلسطينية ….) .
الدخول الى السينما يتطلب دربة وخبرة او تعود . بشباك صغير يسار باب الدخول يتجمهر العديد ممن يطلب تذكرة بوتاكا ( تذكرة الدرجة الاولى بكراسي جلدية ) او تذكرة خينينار ( تذكرة كراسي الطابور درجة ثانية ) وعلى مقربة من الشباك بائعي تذاكر السوق السوداء . كم مرة استهوانا مشاهدة العراك و النزال الذي كانت عدته و سلاحه ( البْوادر و البونيات ) البنية الجسدية واللكمات . وفي الكثير من المرات كنا نرى شباب بزي عسكري يفرقون او يضربون بأحزمتهم الجلدية .


تحت شجرتين وارفتين بالقرب من السينما يجلس بكل واحدة منها رجلان جمعا الكثير من أسرار الحكي و القدرة على جعلك زبونا منتظما لهما .
بالمقابل من باب السينما طاولة حميدو المتخصصة في تقديم قطعات الخبز المحشوة بالتون و صلصة الحار . استطاع حميدو البقاء في مكانه وخدماته طويلا بفضل نزاهته و أمانته وخدماته الطرية .
بمحاذاته كان حمايدة يرش ماء الزهر و يرصص اللوز و الكاوكاو فوق صينية كبيرة مقببة . يتهافت الجميع عليه لأخد قطعة من أكلة الشامية ( أكلة شعبية من الدقيق و العسل و بعض البهارات ) لم يعرف أحد أسرار هذا التهافت عليها مما جعل مع الأمر حكايا و حكايا . شأنه شأن أحمد s بائه الزريعة بالقرب من استوديو التصوير .


تحت الشجرة الوارفة الظلال . يتحلق العديد من الأطفال حول الرياحي . رجل قصير القامة اعتاد لباس سروال عربي ( قندريسي ) و بدلة عصرية . وطربوش . يتخد مكانا وسط الطاولة المستطيلة الزرقاء المغرية . مقسمة إلى قسمين . منطقة بيع الحلويات المعروضة بإنتظام و إغراء . ومنطقة ضربة الحظ .
(السويرتي ) عبارة عن دائرة خشبية بها مسامير على طول القطر . شبيهة بتلك الموجودة بكازينو كبير . بوسطها عمود بمروحة . قسم الدائرة إلى نقط ثمانية متقابلة عند كل نقطة وضع هدية كانت عبارة عن حلوى أو قالب سكر صغير الحجم أو بعض قطع النقود . بعد تقديم ثمن ضربة الحظ . نضرب المروحة لتتوقف عن النقطة الحظ . كانت لا تقف في نقطة الحظ إلا حينما يريد صاحب الطاولة . أو بعد أن يقول بصوته الغليظ للمروحة ” عطيه الربحة ”
بالمقابل له شجرة لم يكتب لها الصمود تم إجتتاثها بعد حرقها ذات ليل . تحت الشجرة الظليلة كان ” با الحبيب ” بجلبابه يفترش كرسي كبير بفروة خروف . أمام طاولة الحلزون . أكواب طينية كثيرة تتحلق حولها الأعمار و الأجناس . كان الحبيب بارعا في الحكاية الشعبية يبدأها متى أراد و ينهيها أنى شاء . الحبيب رحمه الله في ساعة فرحه و سعادته كان يطلق العنان لصوته الشجي يدندن بأغاني جبلية صرفة . كان كلما عمت فوضى بالمكان بادر لفك النزاع و نصرة طفل أو شاب مظلوم .


كان صراخ و صفير جمهور السينما إما سخطا على تقطع بعض مراحل الفيلم . أو إحتجاجا على ضرب بطل الفيلم . كان الدوي يسمع من بعيد كماهي أغاني الممثلين و الممثلات الهنديات التي تعايشنا معها بالحي . وفي كثير من الأحيان كنا نحضى بنداء من الحمري أو كباب أو الأمين للدخول ومشاهدة الجزء الأخير من الفيلم .
الخروج من السينما كان مثيرا. وممتع مشاهدة الجمهور الحالم يرقص أو غير راض على نهاية . وفي مرات عديدة كنا نرى متسللين لشباك التذاكر لمعاودة مشاهدة الفيلم مرة أخرى .
أو من يركض بإتجاه سينما أسطوريا أو سينما المنصور لمشاهدة فيلم أمريكي .
[ وااسفاه تم اعدام ثلاث دور سينما ]
هكذا كانت فضاءات الجمال و المشاهدة البصرية السينمائية . التي أنجبت أندية سينمائية بالمؤسسات التعليمية . و بين الطلبة و الطالبات . و الجمعيات الجادة . وأذكر خيرة أبناء و بنات المدينة وهم ينتظرون أفلاما من المركز السينمائي و عرضها بقاعة أسطوريا و مناقشتها وتحليلها .
كان الأحد صباحا عرسا و مهرجانا سينمائيا تلتقي به المعرفة و الفكر و النقد و القدرة على تحليل مالم يقدر الان المتهافتون على ألقاب النقد الفني وجمالياته .
بريس كالدوس ، ذاكرة إغتالها المكر السياسي و الجبن الثقافي . أمام صمت رهيب . إلا من محاولات شبابية أنذاك نادت بصوت مكلوم و حاولت منع قتل السينما و المسرح البلدي … الذي صار ذكرى أو عدم للعديد .
محمد أكرم الغرباوي
كاتب ومخرج مسرحيا

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading