ذ . الطاهر الجباري
صباح اليوم خرجت باكرا للترويح عن نفسي اغتنم خلو الازقة من الاكتظاظ والصراخ .. مررت بمقهى ساكنة وأحدهم جالس يحتسي قهوة الصباح في سكينة وقد رسم الهدوءُ وجهًه بتقاسيم السعادة كأنما زرع في قلبي عناقيد من الحبور والانتعاش .. وطفت في زقاق مدينتي هادئا لا مرتبكا ولا مضطربا ولا متحيرا.. كل الازقة في سكون لا عشوائية ولا اختلاط ولا تشوش لا شيء يعمد ارباك تفكيري.. انا هادئ .. كأني على موعد جميل ..
وعدت ادراجي وقد جمعت في نفسي ما يكون منه إزالة التعب وإدخال السرور والتنفيس عن النفس وتجديد نشاطها..
وأنا تحت قوس المحلى آثار انتباهي ثلاثة أشخاص وسيدة يتبادلون الحديث بجدية المهتمين ويشيرون بأصابعهم الى بناية صالابنديرا المعلمة ذات الطابع المعماري الاندلسي والاهتمام باد على وجوههم .. لم يستغرق الامر كثيرا من الوقت فانفض كل شيء .. آه لو كنا نفعل ما نوعظ به لكان خيرا لنا .. انقبض صدري .. وبودي ان احتنق .. يمرون على هذه المعلمة العتيقة كأنها لا تساوي الا عفطة العنز …
ابكيك .. وانت تنهارين .. أمر بجنبك يوما بعد يوم في غدو ورواح .. وانظر اليك هائم الفكر .. شريد الآمال .. وجعي يفور في قفصي .. ودمعي تحجر في مقلي .. وصوت قلبي ينشد وصالك -كما كنت- غرفة من جنة الفردوس لكن هل أضحى ذلك محالا ؟ .. هل كانت فيك آمالي صحوا ام ضربا من الخيال ؟ ترتج معه نفسي أسى ويثير فيها غمغمات من نغم حزين .. وتلك همومي تهيم بمخابئ زقاقي .. وكوابيس اليأس تساورني في وهم الأحلام.. ابكيك بكاء الاطلال وانتِ تستغثين بين أيدينا : ” متى يحررني حاضر الشؤم من سوء الهجر وصدإ الأغلال” صالا بانديرا عزيزتي تذكرتك فردوسا بعطر وزهور هل اصبحت اليوم حلما فوقك وعليك حشرات تجري وتدور بأطلال الخرائب تلف وتدور .. ابكيك عزيزتي صالابانديرا فصبري وصبر كل من هو مثلي أصبح رمادا في جمرات التنور …
