_ أمينة بنونة
بقدر ما يمكن اعتبار هذا المثل الحكمي قاعدة تربوية سائرة، إلا أنه يمكن تجاوز هذه القاعدة، وذلك بتوجيهها، حتى تخضع إلى إرادة الذات والتغلب على الأمور السلبية.
فهناك من شب على ضعفِ الهمّة ومحدوديَة التفكير وتوقُع الأسوأ من الحياة، يسعى جاهداً لنشر أسوأ ما يعتقدهُ عن الحياة. فهو مثلاً يقتنع أنّ الحياة غير مُنصفة، ولا يرى في حياته إلا السواد. ومثل هذا الشخص المتشائم، لا يتغير حتى ولو دخل الطيبون عالمه، من غير أن يتأثر بهم ويتعلم منهم، معتقدا بأن طريقة حياته صحيحة، وأن حلوله الدائمة مثالية. وإن مرِض أو عاكسته الظروف، فلا يمنحُ نفسهُ فُرصةً للتغيّر نحو الأفضل، أو يتعلم ليكون أكثر وعيا بحقيقة الواقع، فهو أساسا لا يفكر بالتغيير! وكُلما تحدثت إلى أمثالهم وجدتهُم كما عرفتهم منذ عشرِ سنوات، بنفس العقلية والمحدودية والأحكام والأفعال ذاتها.
لكننا لو تعاملنا مع هذا المثل البليغ، من وجهة نظر أخرى، وتمعنا في دوره الإيجابي في بناء الإنسان، لوجدنا الشخص الذي يفهم جيدا معنى «من شَبَّ على شيءٍ شابَ عليه»، يعمل بالتأكيد على تحقيق ما يصبو إليه في الحياة، بتعليم نفسه وتطويرها وتهذيبها، عاملا على تحقيق خيرٍه من عِلمٍ ومعرفة وتواصل إنساني، فيشب على كل ذلك، ويكبُر عليه، ويصير لعُمرهِ معنىً، ولحياته استمرارية، ولمن حولهِ نفعاً وخيراً.
ومن هذا المثال البليغ، تتجلى قيمة هذا المثل، كغيره من الأمثال الموروثة، الغنية بالدروس والعبر والقيم.