ذ : إدريس حيدر
تغيرت أحوالي نحو الأسوء، و ابتعد عني كل أقاربي و أصدقائي و معارفي لأنني كنت قد أصبحت مؤذيا و أحيانا شريرا.
غُصْتُ من جديد في حالة اكتئاب قوية و مدمرة ،و ابتعدت بسببها عن الناس كافة و انزويت في منزل أسرتي.
قرر أفراد أسرتي مرافقي من جديد إلى الطبيب ، و بعد نقاش طويل معه اقتنعت بضرورة التوقف عن شرب الخمر و تعويضه بالرياضة و اتباع نظام أكل خاص.
بالفعل كانت لدي انا الآخر رغبة في وضع حد للمتاهة التي كنت اعيشها من جراء إدماني على شرب الخمر و نتيجة الخسائر الكبيرة التي كُنت أُلْحِقُها بنفسي و بالغير.
و بالفعل تمكنت و بصعوبة من التوقف عن شرب الخمر.
كان أصدقائي في الدراسة قد قطعوا أشواطا فيها و التحق أغلبهم بالجامعة .
و لم يعد أمامي من منفذ لضمان قوتي اليومي إلا الانخراط في سلك الجندية.
لم اكن كذلك ، عنصرا مجديا و مفيدا ،كما أنني لم اتمكن من التكيف مع اجواءها بل و كنت أشعر و كأنني معتقل في ثكنة ينتظر تنفيذ الأوامر.
اختنقت من جديد و انتابني الشعور بالقلق والخوف الشديدين.
كان الضباط الذين أعمل تحت رئاستهم، قد لاحظوا أن نفسيتي مهزوزة و لا أقوى على الانخراط الفعلي في صفوف الجيش بل لا أصلح لهذه الخدمة.
خضعت لفحوصات من طرف طبيب المؤسسة العسكرية الذي أكد صواب ملاحظة المسؤولين ،فأُحِلْتُ على التقاعد النسبي.
أمام الفراغ القاتل الذي أصبحت أعيشه ،قررت الزواج لأضع حدا لأجواء الوحدة المقيتة التي تلازمني و للإفلات من الإكتئاب الذي سكنني لمدة طويلة.
لم تستطيع زوجتي التي كانت إنسانة طيبة ، جميلة و وديعة على مواكبة إيقاع حياتي المليء بالتردد، القلق و الخوف ،بل انعكس على نفسيتها التي أصبحت هي الأخرى حزينة و كئيبة ،فالتمست مني أن نفترق حبيا و أخويا .
يتبع…