نعي اديب ، محام و مناضل قضى

24 أكتوبر 2021

ذ : إدريس حيدر :

لازلت أتذكر ذلك التكريم الذي أقامته على شرف الفقيد : ذ. المهدي المجول ، جمعية المحامين الشباب بالقصر الكبير .
و كنت قد تشرفت بإلقاء كلمة في حقه ،اخترت لكم منها بعض المقاطع :

” ماذا عساي أذكر من مزايا المحتفى به ؟
أدعوكم جميعا ،أيها السادة ،للالتحاق بي حيث أنا ،لأفتح كوة
نطل منها جميعا على بعض مسارات العزيز ذ. المهدي .

أصوات الشباب تتعالى مرددة أناشيد الانتصار ،فيما الحاضرون يهنئون بعضهم بعضا ،نتيجة الفوز الساحق و التاريخي لليسار .
إننا في سنة 1976،و المكان مقر الحزب الذي تقدم باسمه المكرم للانتخابات البلدية.
كان عريس الحفل الذي زُفَّ للجماهير و التاريخ هو : ذ. المهدي المجول.
اعتلى منصة الخطابة ،أستاذ الأجيال و عملاق اللغة العربية المرحوم ذ. عبد القادر الساحلي ،فنطق و امتع الحضور بذرره اللغوية الشيقة و الممتعة .
كانت خطبة عصماء ،هنأ فيها مناضلي اليسار على فوزهم المبهر بالرغم من القمع و التزوير .”
و:
” لا زلت أتذكر أنه كان حديث العهد في التحاقه بمدينة القصر الكبير ،قادما من المدينة العملاقة : الدار البيضاء ،التي كان يعمل فيها أستاذا، و ترك هناك آثارا طيبة ،كما تعرف على قامات شامخات من رجالات هذا الوطن كالشهيد: عمر بنجلون و غيره.
ذ. المهدي يرمز لجيل من مبدعي المدينة ،أذكر منهم : أحمد الطود ، المرحوم : بوأحمد، المرحوم : محمد قدامة ،عبد السلام السكتاوي ،بلمهدي، انور المرتجي ،المهدي القرقوري …الخ .”
و:
” و في سنة 1979 ، سنعيش معا ملحمة نضالية أخرى .
فلن أنسى أبدا طرد رجال التعليم و الصحة بسبب ممارستهم حقا دستوريا و هو : الإضراب و دفاعهم عن كرامة الإنسان المغربي.
و كان كلما التحق أحد المناضلين المطرودين بمقر النقابة و بيده قرار طرده ،إلا و اهتزت القاعة تشدو بشعارات تمجد الحرية ،الكرامة و الصمود.
إنها لحظات خالدة ،تقشعر لها الأبدان إجلالا لرجال بسطاء ،آمنوا بقيم فضلى و ناضلوا من أجل تحقيقها. ”
و:
“جاء ،إذن ،ذ. المهدي لمهنة المحاماة من جحيم سنوات الرصاص و استبدل بذلته البيضاء رمز السلام و المحبة ،بجبة سوداء حزنا على وأد الحرية .
في مهنة المحاماة ،استطاع أن يكون نموذجا يحتدى و قدوة لغيره ، فمارسها بأخلاق رفيعة و بإيمان قوي من أجل الانتصار للحق.
ناضل من أجل تجويدها و حمايتها و المحافظة عليها ، سرحا شامخا و صخرة صماء تتكسر فوقها و عليها كل المحاولات البئيسة الهادفة إلى تدجينها.
آمن بأن مهنة المحاماة هي تلك المنارة التي تضيء الدروب المظلمة للشعوب المقهورة .
و نظرا لاستقامته و نزاهته و تشبثه بتقاليدها، وُضِعَت فيه الثقة و انتخب عضوا في مجلس هيأة المحامين بطنجة أكثر من مرة ،و يشهد مجايلوه بأنه كان عنصرا فعالا و مساهما جيدا في المناقشات التي كانت تهم مستقبل المحامي ،كما أنه كان صوتا متميزا لمحامي هذه المدينة .”
و :
” و من هو ذ. المهدي / الإنسان ،كم عرفته ؟
هو المهذب ،الوديع ,العفيف اللسان ،الخجول ،المثقف ،المبدع ،الفنان و الأنيق فكرا و سلوكا .
إنه مفرد بصيغة الجمع.
ذ المهدي
عندما يكتب ،يبدع .
و عندما يقرأ يُبهر
و عندما يناقش يُقنِع.
و ذ. المهدي هو : الاب/ المربي ،الناجح بيداغوجيا في تربية الأجيال و كذا أبنائه، و ما درجات العلم و العلا التي تبوءها ابناؤه إلا دليل على سموقه و رفعته.”
و :
” سأظل أردد نعتي له ،إنه :
” أيقونة الدفاع “.

اخي ،صديقي و زميلي :
لن اوافيك حقك و انا أذكر بعض مزاياك ، و لن أستطيع الإحاطة بكل خصالك و مكارم أخلاقك.
رحمك الله ، و سلام عليك يوم ولدت و يوم مت و يوم تبعث حيا .

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading