ذ : إدريس حيدر :
لازلت أتذكر ذلك التكريم الذي أقامته على شرف الفقيد : ذ. المهدي المجول ، جمعية المحامين الشباب بالقصر الكبير .
و كنت قد تشرفت بإلقاء كلمة في حقه ،اخترت لكم منها بعض المقاطع :
” ماذا عساي أذكر من مزايا المحتفى به ؟
أدعوكم جميعا ،أيها السادة ،للالتحاق بي حيث أنا ،لأفتح كوة
نطل منها جميعا على بعض مسارات العزيز ذ. المهدي .
أصوات الشباب تتعالى مرددة أناشيد الانتصار ،فيما الحاضرون يهنئون بعضهم بعضا ،نتيجة الفوز الساحق و التاريخي لليسار .
إننا في سنة 1976،و المكان مقر الحزب الذي تقدم باسمه المكرم للانتخابات البلدية.
كان عريس الحفل الذي زُفَّ للجماهير و التاريخ هو : ذ. المهدي المجول.
اعتلى منصة الخطابة ،أستاذ الأجيال و عملاق اللغة العربية المرحوم ذ. عبد القادر الساحلي ،فنطق و امتع الحضور بذرره اللغوية الشيقة و الممتعة .
كانت خطبة عصماء ،هنأ فيها مناضلي اليسار على فوزهم المبهر بالرغم من القمع و التزوير .”
و:
” لا زلت أتذكر أنه كان حديث العهد في التحاقه بمدينة القصر الكبير ،قادما من المدينة العملاقة : الدار البيضاء ،التي كان يعمل فيها أستاذا، و ترك هناك آثارا طيبة ،كما تعرف على قامات شامخات من رجالات هذا الوطن كالشهيد: عمر بنجلون و غيره.
ذ. المهدي يرمز لجيل من مبدعي المدينة ،أذكر منهم : أحمد الطود ، المرحوم : بوأحمد، المرحوم : محمد قدامة ،عبد السلام السكتاوي ،بلمهدي، انور المرتجي ،المهدي القرقوري …الخ .”
و:
” و في سنة 1979 ، سنعيش معا ملحمة نضالية أخرى .
فلن أنسى أبدا طرد رجال التعليم و الصحة بسبب ممارستهم حقا دستوريا و هو : الإضراب و دفاعهم عن كرامة الإنسان المغربي.
و كان كلما التحق أحد المناضلين المطرودين بمقر النقابة و بيده قرار طرده ،إلا و اهتزت القاعة تشدو بشعارات تمجد الحرية ،الكرامة و الصمود.
إنها لحظات خالدة ،تقشعر لها الأبدان إجلالا لرجال بسطاء ،آمنوا بقيم فضلى و ناضلوا من أجل تحقيقها. ”
و:
“جاء ،إذن ،ذ. المهدي لمهنة المحاماة من جحيم سنوات الرصاص و استبدل بذلته البيضاء رمز السلام و المحبة ،بجبة سوداء حزنا على وأد الحرية .
في مهنة المحاماة ،استطاع أن يكون نموذجا يحتدى و قدوة لغيره ، فمارسها بأخلاق رفيعة و بإيمان قوي من أجل الانتصار للحق.
ناضل من أجل تجويدها و حمايتها و المحافظة عليها ، سرحا شامخا و صخرة صماء تتكسر فوقها و عليها كل المحاولات البئيسة الهادفة إلى تدجينها.
آمن بأن مهنة المحاماة هي تلك المنارة التي تضيء الدروب المظلمة للشعوب المقهورة .
و نظرا لاستقامته و نزاهته و تشبثه بتقاليدها، وُضِعَت فيه الثقة و انتخب عضوا في مجلس هيأة المحامين بطنجة أكثر من مرة ،و يشهد مجايلوه بأنه كان عنصرا فعالا و مساهما جيدا في المناقشات التي كانت تهم مستقبل المحامي ،كما أنه كان صوتا متميزا لمحامي هذه المدينة .”
و :
” و من هو ذ. المهدي / الإنسان ،كم عرفته ؟
هو المهذب ،الوديع ,العفيف اللسان ،الخجول ،المثقف ،المبدع ،الفنان و الأنيق فكرا و سلوكا .
إنه مفرد بصيغة الجمع.
ذ المهدي
عندما يكتب ،يبدع .
و عندما يقرأ يُبهر
و عندما يناقش يُقنِع.
و ذ. المهدي هو : الاب/ المربي ،الناجح بيداغوجيا في تربية الأجيال و كذا أبنائه، و ما درجات العلم و العلا التي تبوءها ابناؤه إلا دليل على سموقه و رفعته.”
و :
” سأظل أردد نعتي له ،إنه :
” أيقونة الدفاع “.
اخي ،صديقي و زميلي :
لن اوافيك حقك و انا أذكر بعض مزاياك ، و لن أستطيع الإحاطة بكل خصالك و مكارم أخلاقك.
رحمك الله ، و سلام عليك يوم ولدت و يوم مت و يوم تبعث حيا .