يوميات معتقل سابق : أمكنة و أشياء .

23 يونيو 2023

ذ . ادريس حيدر

في السجن هناك أمكنة لها دلالة خاصة و تشكل جزء من معمار السجن و من حياة السجين .
ف” المزار ” (Parloir ) ، هو الكوة أو الشرفة التي يُطِلُّ منها السجين على الكون و الناس ، و منها يشم نسائم العالم الخارجي من خلال زيارة الاهل و الأحباب و الأصدقاء.
و قد تقدح زيارات الاهل و الأغيار لدى السجين، نار الحسرة و الألم و المرارة ، كما قد توقد داخله مشاعر الفرح و النشوة و الأمل.
ثم ” الساحة ” ( La Cour ) هي الأخرى جزء أساسي من بنيان السجن و فضاء لحياة السجناء .
فالخطو فيها يُشْعِرُ المعتقل أنه لازال على قيد الحياة . و هو مكان لفُسَحِ السجناء و تبادلهم وجهات النظر و الأخبار، و و هي لحظة لكسر الروتين الذي يجثم على صدورهم .
و قد تستعمل الساحة لممارسة المعتقلين لبعض الأنشطة الرياضية بغية المحافظة على ذواتهم و لمقاومة انعكاسات هذا القبو أو الجحر( الذي هو السجن ) على صحتهم من حيث مقاومة الرطوبة و غيرها.
” الزنزانة ” او ” شامبري ” – كما تُنْطَقُ هناك – (Chambre )
و هي المكان أو الفضاء الأساسي الذي يقضي فيه السجين عقوبته .
“سجن السجن ” أو ” الكاشو ” (Cachot) و هي زنزانة ضيقة و مظلمة ، و يُزج فيها بالسجين وحيدا لمدة محدودة في ظروف صعبة و تُعد بمثابة سجن آخر داخل السجن .
و هي مكان للعقاب و التعذيب النفسي و الجسدي للسجين المتمرد و الغير المنضبط و الغير المتعاون و المرتكب لأفعال مخالفة للقانون ، و هي وسيلة لقمع و إرهاب السجناء تستعملها إدارة السجن بشكل ظالم في أغلب الأحيان.
” المناداة ” ” لابيل ” (L’ Appel) ، تتم هذه العملية كل صباح ، حيث يُحصى المعتقلون للتأكد من عدم فرار أي منهم و هي آلية لضبط السجناء
” رئيس المعقل أو الزنزانة ” ” شاف شامبري ” ( Chef de la hambre c ) ، و غالبا ما يُعين من طرف الإدارة ، حيث يتمتع ببعض الامتيازات الصغيرة و أحيانا التافهة مقابل قيامه بدور المخبر لفائدتها .
و هذا الشخص تتوفر لديه غالبا بعض المميزات ك : قوته البدنية ، شراسته، عنفه و جرأته…الخ.
أما آليات و منقولات القلعة الإسمنتية ، فتظل ابد الدهر موشومة في ذاكرة السجين . ك:
“بيتييا” ( و لا أدري مصدر هذا الإسم ) ، و هو الإناء الذي يوضع فيه طعام السجين ليتناوله.
” بانيي” (Le Panier ) ، و هي القفة التي تُمْلأ ببعض الأكل و بعض حاجيات السجين ، و التي تأتي بها بعض العائلات عند زيارة أبنائها .
و هناك عملية تتم بين الفينة و الأخرى و يخافها خاصة سجناء الحق العام و تسمى ب: ” لا فويْ” ( La fouille) ، و هي تفتيش الزنازن على حين غرة لوضع اليد على الممنوعات التي تروج سرا ، كما أنها تتم عندما يدخل المعتقلون و خاصة السياسيون منهم في إضراب عن الطعام .
و يُلاحظ أن أسماء ” الامكنة ” و ” الأشياء ” فرنسية تم ” تدريجها ” و استعملت غالبا في السجون في فترة الحماية و ظلت كذلك .
تلك كلمات و اخرى و مسميات يتكرر استعمالها و ترديدها داخل السجن ، و هي لغته و من تم محدوديتها.
و بموازاة هذه الكلمات المستعملة في السجن و التي هي جزء من اللغة المتداولة فيه ، فإن لغة المعتقلين السياسيين تميزت وسط تلك الخلطة الرديئة ، بكونها لغة المجتمع القارئ، غنية بالدلالات، بل و تتخللها عبارات عالمة و اشعار و استعارات ملؤها الجمال و البهاء.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading