_ عبد السلام شفيرة
في حي شعبي برزت فاطمة امرأةًَ طيبةً، قنوعةً بما رزقها مولاها الرحمان من نعمه ، ومن حسن المصادفات في حياة الطيبات المتمسكة بأنبل الأخلاق، تزوجت رجلا طيب الخلق ، لطيف المعاشرة، يهوى طب الأسنان منذ طفولته ، تعلم مبادئه عن طبيب ماهر بفاس، ثم انتقل إلى سلا، فاكترى دكانا، بحي شعبي قديم، ووضع على بابه بخط عربي جميل : ( طبيب الأسنان).
وبتجربته القديمة، وممارسته المتكررة لنزع الأسنان المتآكلة، أوالمؤلمة بالتسوس بلطافة ، وصنع مركباتها بإتقان، كسب في سنواتها شهرة في معظم أنحاء المدينة،كأنه مرب حكيم، تخرجت عنه فئات أنثوية ورجولية بكفاءته،.
كان يعمل بقول والده المرحوم 🙁 الاعتناء بشجرة الزيتون، تعطي الخيرات للمعتني بها)، وبذلك استطاع أن يزين محله بأحدث الآلات، وأتحف الأثاث، ساعدته على إتمام عمله في وقت قصير، وكان يساعده أخوه عبد اللطيف،كلما دعت الضرورة لذلك، حتى اكتسب منه خبرة العمل المتقن ،مما أهله لفتح دكان في نفس الحي، بعيدا عنه ببضع أمتار، يعمل به بنفس مهارات أخيه.
وبمداخيل عمل عبد المولى، وبراعته المكتسبة منه، توفر له مال اشترى به عمارة، أسفلها مقهى باعها ، وبثمنها حظي بشراء ضيعة خارج المدينة، أدخل عليها إصلاحات، تنال إعجاب زوارها، حولها إلى جنة مخضرة، بها مختلف أشجار الفواكه، ومسبح واسع منسق ، يحيط به ربيع أخضر، يقابله مسكن مؤثت بسيط، تستريح فيه النفوس.
كان يقضي فيه أوقات فراغه مع عياله ، كلما سنحت له الفرصة لذلك.
وفي أيام العطل المدرسية، يقصد عروس الشمال، فينزل في أحد شقق الكراء، قريبا من البحر، متمتعا بجمال المدينة، شاطئيا وأثريا.
وفي يوم قريب من زمان عيد الأضحى،آثر تنظيف الضيعة، و إعدادها بما يلزم للأضحية من ضروريات الحياة، بمساعدة حارسها.
ولما انتهيا من العمل بها، ودَّعَه الحارس تاركا إياه وحده في المكان، لقضاء حوائجه، فقصد عبد المولى مكان تربية الأجباح، ليتفقد أحوالها، ولما اقترب منها بلا وقاية ، هاجمته النحل، فلسعته في عنقه، وادعة فيه آلاما ضارة، أضعفته، ولم تترك له فرصة طلب النجدة.
ولما عاد الحارس وجده ملقى على الأرض جثة هامدة، ، فأخبر رجال الدرك، وأفراد أسرته.
فتألم الجميع لحاله المفاجئ الأليم، ثم دعوا له بالتواب والغفران..
