ذ . ادريس حيدر:
حاولت إدارة السجن المدني بالقنيطرة ( العواد ) ، التضييق على المعتقلين السياسيين بإخضاعهم للنظام الاستبدادي المعمول به هناك .
و هكذا أصبحوا يُعَانون من ممارسات قمعية للمسؤولين الإداريين . فمُنِعَت الكتب من الدخول إلى السجن لكي لايتمكن المعتقلون من قراءتها ، و رفضت السماح لهم بممارسة الرياضة و الاستمتاع بالاستحمام مرة في الأسبوع . كما أن مطلبهم القاضي بتسخين الطعام الذي كانوا يتناولونه باردا لم تتم الاستجابة له أيضا ، علما انه على حالته كان يلحق أضرارا بهم عند اكله بحيث كانوا يشعرون بآلام في بطونهم ، كذلك كان الحراس يطفئون النور على الزنازن في وقت مبكر و يحرمون المعتقلين 3 من القراءة و الكتابة .
و بالرغم من المحاولات الجادة التي قامت بها لجنة ” الحوار ” مع الإدارة من أجل التوصل إلى اتفاق بخصوص وضع المعتقلين السياسيين ، إلا أنها باءت كلها بالفشل نظرا لتعنت الإدارة .
و أمام انسداد كل الأبواب امامهم، دعت لجنة ” الحوار ” كل المعتقلين إلى جمع عام من أجل أخذ القرار المناسب و الملائم ، للضغط على الإدارة و دفعها للاستجابة لمطالبهم .
و اتُخِذَ قرار خوض الإضراب عن الطعام بالإجماع بغية تحقيق مطالبهم.
مر اليومان الأولان بشكل عادي ، لكن ابتداء من اليوم الثالث من معركة الأمعاء الفارغة ، بدأ أغلب المعتقلين يشعرون بالتعب و الوهن و في مرحلة لاحقة بالغثيان.
كنا نقضي يومنا – و نحن مضربين عن الطعام – في القراءة و في النقاشات و تبادل الأفكار ، إلا أنه و مع مرور الوقت ، خيم الصمت – الذي كان يطول أحيانا – في الزنازن .
مرت أيام معدودات على هذه الحالة ، و بدأت مضاعفات الإضراب عن الطعام تبدو على ملامح المعتقلين و تؤثر عليهم و خاصة المتقدمين في السن منهم و بعض الفتية .
و ظن الجميع أن الإضراب سيطول نظرا لرفض الإدارة فتح الحوار معهم ، و قد تُلحِق ببعضهم أضرارا تؤثر على صحتهم .
إلا أن الجميع فوجئ بسرعة تجاوب الإدارة لعقد جلسة حوار ثانية ، و فيه استجابت لأغلب مطالب المعتقلين السياسيين التي تقدمت به للإدارة ” لجنة الحوار ” .
و بناء على ذلك تقرر إيقاف الإضراب .
و كم كان المعتقلون فرحين ذاك الصباح ، عندما تناولوا الفطور الأول بعد إضرابهم عن الطعام.
و هكذا و بعد انتصار المعتقلين في إجبار الإدارة على قبول بمطالبهم ، أصبحت لهم حياة جديدة في المعتقل و تحققت بعض المطالب و منها :
– دخول الكتب و ” الراديوهات ” للسجن من أجل قراءتها و الاستمتاع بمضامينها .
– السماح لهم بممارسة الرياضة .
– الحق في الاستحمام كل اسبوع .
– تناول الطعام بعد تسخينه.
كان منسوب التحدي قد ارتفع لدى المعتقلين السياسيين نتيجة انتصارهم على الإدارة و كذا الثقة في النفس و الإصرار و مواصلة النضال .
و رددنا تلك الأمسية بقوة و بهجة و بثقة في الذات مطلع قصيدة الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
و لا بد للليل أن ينجلي
و لا بد للقيد أن ينكسر.
يتبع…