يوميات معتقل سابق : معركة الأمعاء الفارغة

10 فبراير 2023

ذ . ادريس حيدر:

حاولت إدارة السجن المدني بالقنيطرة ( العواد ) ، التضييق على المعتقلين السياسيين بإخضاعهم للنظام الاستبدادي المعمول به هناك .
و هكذا أصبحوا يُعَانون من ممارسات قمعية للمسؤولين الإداريين . فمُنِعَت الكتب من الدخول إلى السجن لكي لايتمكن المعتقلون من قراءتها ، و رفضت السماح لهم بممارسة الرياضة و الاستمتاع بالاستحمام مرة في الأسبوع . كما أن مطلبهم القاضي بتسخين الطعام الذي كانوا يتناولونه باردا لم تتم الاستجابة له أيضا ، علما انه على حالته كان يلحق أضرارا بهم عند اكله بحيث كانوا يشعرون بآلام في بطونهم ، كذلك كان الحراس يطفئون النور على الزنازن في وقت مبكر و يحرمون المعتقلين 3 من القراءة و الكتابة .
و بالرغم من المحاولات الجادة التي قامت بها لجنة ” الحوار ” مع الإدارة من أجل التوصل إلى اتفاق بخصوص وضع المعتقلين السياسيين ، إلا أنها باءت كلها بالفشل نظرا لتعنت الإدارة .
و أمام انسداد كل الأبواب امامهم، دعت لجنة ” الحوار ” كل المعتقلين إلى جمع عام من أجل أخذ القرار المناسب و الملائم ، للضغط على الإدارة و دفعها للاستجابة لمطالبهم .
و اتُخِذَ قرار خوض الإضراب عن الطعام بالإجماع بغية تحقيق مطالبهم.
مر اليومان الأولان بشكل عادي ، لكن ابتداء من اليوم الثالث من معركة الأمعاء الفارغة ، بدأ أغلب المعتقلين يشعرون بالتعب و الوهن و في مرحلة لاحقة بالغثيان.
كنا نقضي يومنا – و نحن مضربين عن الطعام – في القراءة و في النقاشات و تبادل الأفكار ، إلا أنه و مع مرور الوقت ، خيم الصمت – الذي كان يطول أحيانا – في الزنازن .
مرت أيام معدودات على هذه الحالة ، و بدأت مضاعفات الإضراب عن الطعام تبدو على ملامح المعتقلين و تؤثر عليهم و خاصة المتقدمين في السن منهم و بعض الفتية .
و ظن الجميع أن الإضراب سيطول نظرا لرفض الإدارة فتح الحوار معهم ، و قد تُلحِق ببعضهم أضرارا تؤثر على صحتهم .
إلا أن الجميع فوجئ بسرعة تجاوب الإدارة لعقد جلسة حوار ثانية ، و فيه استجابت لأغلب مطالب المعتقلين السياسيين التي تقدمت به للإدارة ” لجنة الحوار ” .
و بناء على ذلك تقرر إيقاف الإضراب .
و كم كان المعتقلون فرحين ذاك الصباح ، عندما تناولوا الفطور الأول بعد إضرابهم عن الطعام.
و هكذا و بعد انتصار المعتقلين في إجبار الإدارة على قبول بمطالبهم ، أصبحت لهم حياة جديدة في المعتقل و تحققت بعض المطالب و منها :
– دخول الكتب و ” الراديوهات ” للسجن من أجل قراءتها و الاستمتاع بمضامينها .
– السماح لهم بممارسة الرياضة .
– الحق في الاستحمام كل اسبوع .
– تناول الطعام بعد تسخينه.
كان منسوب التحدي قد ارتفع لدى المعتقلين السياسيين نتيجة انتصارهم على الإدارة و كذا الثقة في النفس و الإصرار و مواصلة النضال .
و رددنا تلك الأمسية بقوة و بهجة و بثقة في الذات مطلع قصيدة الشابي :

إذا الشعب يوما أراد الحياة
فلابد أن يستجيب القدر
و لا بد للليل أن ينجلي
و لا بد للقيد أن ينكسر.

يتبع…

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

الاخبار العاجلة

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق

اكتشاف المزيد من أخبار قصراوة العالم

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading