بقلم : عبد القادر محمد حسن الغزاوي .
عَمَّ يتحدثون في مدينة القصر الكبير ؟ … يتحدثون عن المآثر والآثار التاريخية والعمرانية الموجودة التي لازالت قائمة ، أم يتحدثون عن المآثر والآثار التاريخية والعمرانية المفقودة التي اندثرت وباتت من الماضي … لقد كثر الحديث عن الحفاظ على المآثر والآثار التاريخية والعمرانية بها ، فزيارة ميدانية لهذه المآثر والآثار تبرز الحقيقة الواضحة وضوح الشمس ، أنها غير موجودة ، حيث يفاجأ الزائر أنها غير موجودة في الواقع ، فقد اندثرت وبادت ولم تبق حية حاضرة وظاهرة للعيان ، فقد تحول بعضها إلى ديار ومتاجر ومقاه وغيرها من المَحال التجارية ، فقبل الحديث عنها زوروا أماكنها لتأكد وجودها ورؤيتها في الواقع . وتبينوا قبل أن تتحدثوا وتنشروا ، فهذه المآثر غير موجودة ، فقد باتت منقوشة في ذاكرة مدينة القصر الكبير ، وفي كتب تاريخها وفي صورها القديمة وفي ذاكرة أهل المدينة . فكيف الحديث عن الحفاظ عليها وتوثيقها وهي في عداد المفقودين ؟ .
فقد دمروا كل مآثر مدينة القصر الكبير العريقة والتاريخية والعمرانية ولم يبق منها ما يستحق الزيارة وجعلها مزارا سياحيا وتاريخيا وثقافيا ، والوقوف إزاءها وأخذ صور بجانبها . وأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :
السور الموحدي التاريخي ( يعرف لدى السكان بسور البرتقيز ) الذي لم يبق منه إلا بعض الأمتار في بعض الأحياء بالمدينة .
والمدرسة البوعنانية ، والتي بنيت في عهد الدولة المرينية تحولت إلى دور للسكنى .
ونخيل مسجد ضريح سيدي يعقوب الباديسي ، الذي يعتبر ونخلاته التاريخية المتميزة بالمدينة من بين المآثر التاريخية الشهيرة والمعروفة ، ورمز المدينة .
ومقبرة سيدي عبد الله المظلوم ، التي تضم ضريح وقبر الولي الصالح سيدي عبد الله المظلوم ، وقبور بعض العلماء والشهداء إلى جانب قبور المسلمين . و قبر الولي سيدي عجال والد الولي عبد الله الغزواني ، أحد أولياء مدينة مراكش .
وساحة مولاي المهدي ، التي تعتبر من أهم الساحات الموجودة بالمدينة ، حيث تم تغيير ساحتها ومدارها ونافورتها ، وقد كانت جميلة ورائعة من حيث الشكل والزخرفة وأعمدة الكهرباء .
وحديقة السلام التي أصابها التغيير ، فقد كانت من أجمل الحدائق بالمدينة .
ومكتبة السلام التي كان يقصدها طالبوا العلم ومحبو الثقافة .
فقد تحول بعضها إلى ديار ومتاجر ومقاه وغيرها من المحال التجارية ، رغم ما تحمله من دلالات تاريخية وإنسانية وعمرانية وفكرية وسياحية . بالإضافة إلى عدم ذكر في أحاديثهم وكتاباتهم من تسبب بتلك الجريمة التاريخية والحضارية والإنسانية ، التي محت من الوجود بعضا من تاريخ مدينة القصر الكبير، فمثواهم مزبلة التاريخ ، ومصيرهم محكمة التاريخ ، أوليس صبح محكمة التاريخ بقريب ؟ . أما المآثر والآثار التاريخية والعمرانية فمكانها كتب التاريخ وذاكرة المدينة وذاكرة أهلها والمهتمين بتاريخ المدينة .